إلقاء المسئولية على الحكام

أحياناً نلقي بالمسئولية على الحكام، ولا شك أن الحكام يتحملون مسئولية، وليست كمسئولية الأفراد العاديين أو مسئولية الشعوب، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر المتفق عليه: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته} .

ودور الحاكم الذي الأمة كلها معلقة في رقبته، ليس كدور الفرد العادي، هذا مما لا يشك فيه أحد ولا يختلف، لكن ننسى -أيضاً- أن الأفراد يتحملون دوراً كبيراً، حتى فيما يفعله العالم.

أو الحاكم، ولما ذكر الله تعالى قصة فرعون وطغيانه، واستبداده قال: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف:54-55] .

إذاً: القضية أتت من قِبل الفرد أصلاً، زالت إنسانيته وكرامته وقوته ورجولته فاستخفه فرعون وأطاعه لأنه كان من الفاسقين.

ويقول الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] أي: نجعل بعضهم على بعض أولياء بسبب أعمالهم، وليس من العدل أن يتصور مسلم أن الله تعالى يُسلط على أمة صالحة مستقيمة مجاهدة, آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، يسلط عليها ظالماً يسومها سوء العذاب، كما أنه لا يتصور أن يأتي حاكم كـ عمر بن الخطاب، أو عمر بن عبد العزيز لأمة فيها من المشاكل والعيوب والمآخذ ما فيها، ولو جاءها ربما كانت هي أول من يقوم ضده ويقتله، كما قال أحد الشعراء: قم يا صلاح الدين قم كم مرةٍ في العام تندبونه! حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة وإنه لو قام حقاً بينكم فسوف تقتلونه فينبغي أن ندرك الترابط بين جميع طبقات الأمة، حاكمها وعالمها وداعيتها وفردها والرجل والمرأة، والمتعلم والمعلم، فالجميع مترابطون، ومن الصعب أن تتصور أن هناك في فئةً صالحةً والباقي فاسدة أو العكس، بل إن الأمر مرتبط بعضه ببعض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015