من مآسي سربنتشا

أما فيما يتعلق في سربنتشا فقد هرب الكثير من أهلها إلى توزلى، وتزاحموا في الصالات الرياضية الواحد على الآخر، والنفس على النفس، وهم في ضيق وكرب عظيم لا يعلمه إلا الله، أما الجرحى فهم لا يحصون، تنقلهم الشاحنات، يقول الدكتور: وقد رأيت امرأة كبيرة السن ينزلونها من شاحنة يتناولونها واحد بعد الآخر كما يتناولون الكراتين، وهي مريضة جريحة، كما رأيت رجلاً عجوزاً يبكي بعد أن أعطي قطعة من الخبز وبدأ يأكلها وغيره كثير، فإلى الله المشتكى، الناس يهربون على الأقدام، وعلى العربات التي تجرها الدواب، والقتلى في الشوارع لا يجدون من يواريهم.

وأخيراً رأيت صورة تدمي القلب أطفالٌ فقدوا أبصارهم وشوهت وجوههم بسبب إلقاء القذائف، وقد غطيت وجوههم وعليها آثار الدماء، وهم يمدون أيديهم لأمهاتهم، والأمهات يذرفن الدموع والحسرات، ومشاهد مفزعة محزنة مؤلمة، وفي الختام يقول لكم الدكتور: لا تنسوا هؤلاء المنكوبين من الدعاء، وحرضوا المؤمنين على ذلك فإنهم في محنة وكربةٍ وشدةٍ وخوف وجوع لا يعلمه إلا الله.

أخوكم الدكتور/ صالح محمد السلطان.

إنها مأساة ليس لها مثيل، تقع على مرأى ومشهد من العالم الذي أصبح يتلذذ بنقل هذه الصور ليس عبر الإذاعة، بل عبر التلفاز أيضاً حية في أحيان كثيرة ينقلها، أو عبر صور تنشر في الصحف والمجلات، ثم لا يملك العالم إزاء ذلك إلا أن يخدر مشاعرنا بهذه التصريحات التي قد ألفناها واعتدنا عليها، فلم تعد تهز لنا وجداناً، ولا تحرك لنا قلباً ولا كثير فينا أي شعور، إن العالم كله يشارك في هذه الجريمة، فأنتم تعلمون أن العالم قد فرض عزلةً اقتصادية على صربيا ومع ذلك سمح لها سراً بالتجارة مع إيطاليا، ومع رومانيا، ومع كل جيرانها، بل ومع ألمانيا ومع مصر، فإن صفقات البضائع التجارية رائحة غادية بين مصر بلد أربعين أو خمسين مليون مسلم والتي سلط عليها العلمانيون، وبين صربيا التي تقتل المسلمين صباح مساء.

أما ذلك الحصار المفروض على المسلمين، حيث لا يصلهم السلاح فهو حصار صادق، حصار مخلص ومنذ رمضان لم يكد يصل إلى المسلمين من السلاح إلا أقل القليل، فإنهم محصورون حقاً لا يستطيعون أن يحصلوا على السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم، أو عن أطفالهم، أو عن أزواجهم، وأنتم ترون هذه المشاهد وتسمعون بها، ومع ذلك العالم يكتفي بمجرد التهديد.

فيا أيها المؤمنون لا تنسوا إخوانكم في البوسنة والهرسك؛ فإنهم يقاتلون عن أعراض وعن نفوس، وعن بلاد لو سقطت في أيدي الصرب ربما لم يذكر اسم الله تعالى في تلك البلاد ونسأل الله تعالى ألا يقع ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015