نحتاج منك أيها المسلم أولاً: أن تكون هذه المشاعر الملتهبة في فؤادك، وهذه الدموع النازفة من عينيك، زاداً لك أي زاد! وثانياً: لو لم يكن من ثمرة بعد ذلك إلا الدعاء، والدعاء خيرٌ كله، وهو عبادة لله عز وجل كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وسنده صحيح: {الدعاء هو العبادة} ويقول أيضاً: من لم يسأل الله يغضب عليه} فلو لم نظفر منك بعد حزن القلب ودمع العين، إلا بدعوة صادقةٍ تطلقها وأنت ساجد الله عز وجل فإن ذلك مما تملكه، ثم هي دعوة لأخيك بظهر الغيب، وإذا دعا المسلم لأخيه في ظهر الغيب كان ذلك مظنة الإجابة، وقال له الملك: ولك بمثل، وهو جهد يملكه كل أحد، وإذا عجزنا أن نوفر السلاح لإخواننا المحاصرين في سراييفو أو في سربنتشا، أو في غيرها، فإننا لا نعجز أن نوفر لهم الدعاء، وإذا لم نجد المال في جيوبنا، فإننا نجد الدعوات الصادقة تنبعث من قلوبنا، والنصر والرزق إنما يأتي بالدعاء وفي صحيح مسلم: {أبغوني ضعفاءكم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم} فانتصاركم بدعائهم واستنصارهم ثم إن كنت من أصحاب الأموال، فإننا ندعوك إلى جمع التبرعات عن نفسك وغيرك، وقد دعوناك بالأمس دعوة للإنفاق، فها نحن اليوم نقول: أدخل يدك في جيبك، ثم أخرج ما استطعت من مالٍ في سبيل الله عز وجل تدفع به ميتة السوء نن نفسك، وتدفع به البلاء عن أهلك وولدك، وتدفع به عن بلدك ما مس بلاد الإسلام كلها أو جلها، وفي نهاية هذا اللقاء سوف أدعوكم إلى جمع التبرعات لمن تسمعون من إخوانكم المسلمين، فجودوا لهم يجد الله تعالى عليكم، وهو القائل {يا ابن آدم أنفق أنفق عليك} .
ثم إنني أدعوك إلى التغطية الإعلامية، فإن الكثير من الناس يجهلون مثل هذه الأمور، بل أصبح هناك اليوم من يستكثر علينا أن نتحدث في مثل هذه القضايا، أو يريد من المسلمين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال وفي الرماد، وألاَّ يعلموا مصاب إخوانهم ولا يألموا له ولا يتحدثوا عنه في قليلٍ ولا كثير، إنه يريد أن يقتل المسلمون على حين لا يعرف الآخرون من إخوانهم عن ذلك قليلاً ولا كثيراً، إنه يعلم أن قتل المسلم اليوم في البوسنة أو طاجكستان، تبعه أو يتبعه غداً قتل المسلم في بلادٍ إسلامية عربية، ويتبعه غداً الالتفاف على المسلمين حتى في البلاد التي بارك الله تعالى فيها وجعلها مهبط رسالاته ومنطلق شريعته، فهم يعلمون أن التداعي والتنادي لأولئك المسلمين المقتلين هناك سوف يوقظ القلوب في كل مكان.
ولهذا يريدون أن تتم العملية في غيبة المسلمين جميعاً، ودون أن يكون هناك حتى مجرد التغطية الإعلامية لما حل بالمسلمين، أما نهاية المطاف وأعلى وأغلى ما نطمح منك هو أن تجود بنفسك.
يجود بالنفس إن ضنَّ البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود نعم تستطيع أن تجند نفسك للمشاركة الحقيقية وتحمل السلاح للدفاع عن إخوانك المسلمين، وقد حمله طائفة ونخبة من شباب المسلمين والعرب أمس في أفغانستان، ثم في البوسنة والهرسك! وبلاد المسلمين في طاجكستان أو في الفلبين، أو في غيرها هي محتاجة إلى ذلك المسلم الذي يجود بنفسه ليس فقط ممن يحمل السلاح المادي ليصوبه إلى صدور الكفار، بل ممن يحمل سلاح العلم ليزيل به الجهل عن المسلمين، أو يحمل سلاح الدعوة ليجمع به كلمة المسلمين على الحق، ولمن يعلم شيئاً ليعلمه المسلمين سواء كان طباً، أم علماً شرعياً، أم علماً دنيوياً، أم غير ذلك مما يحتاجه المسلمون.