الاحتجاج بأن الأخطاء طبيعية

ومن صور التنصل من المسئولية ومن الأخطاء أننا دائماً نقول: الأخطاء طبيعية، وليس هناك أحد معصوم.

وهذه ليست هي المشكلة، نحن الآن لا نتناقش في العصمة، نحن متفقون على أنه ليس هناك أحد معصوم، ومتفقون على أن الأخطاء طبيعية، والأمم كلها -أصلاً- فيها سلبيات، فنحن ندرك سلبيات إخواننا المسلمين، لكن الأمم الأخرى فيها من السلبيات ما الله به عليم، وكم من أمم تحملت من السلبيات شيئاً كثيراً! ولو قرأت تاريخ أي أمة كالنصارى، أو اليهود، أو الشيوعيين، أو أي أمة بدون استثناء، سواء كانت أمة من الأمم الدينية، أو من الأمم العرقية؛ تجد فيها سلبيات وأخطاء ومشاكل وأمور صعبة.

ولا شك أنه لا يقارن بها ما يقع في تاريخ المسلمين وواقعهم، هذا صحيح، ونحن لا نشك فيه، وليس معنى وجود السلبيات، أنه يجب أن نتوقف، أبداً، لكن معناه: أننا ينبغي ألا نتوقف عند مجرد قضية أن الأخطاء طبيعية.

لابد أن نحدد ما هي الأخطاء، وكيف حصلت، ومن المسؤول عنها، وما سبيل الخروج منها، وما سبيل العلاج، وما أشبه ذلك، ويكون ذلك كله برفق ورويّة وحكمة، وإنصاف الباحث عن الحقيقة، وليس المتشفي الذي يبحث عن الخطأ والزلة حتى يتعلق بها لحاجة في نفسه أو في قلبه والعياذ بالله، فهناك فرق بين المشفق الذي يبحث الباحث عن الخطأ ليعالجه، فهو كالطبيب الذي يبحث عن المرض والألم، وبين الإنسان المغرض الذي هو كالعدو، يبحث عن الخطأ حتى يتشفى ويتهم، ويسب، وحتى يجد فرصته في التعليق والقيل والقال والكلام الذي لا طائل تحته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015