في الإجازة تجد الطالب يقرأ الكتب، وهاهنا أطرح عليكم سؤالاً ولا أنتظر إجابته، لكن فقط حتى يعرف طالب العلم الجاد نفسه، أنه في هذه الإجازة التي ربما طالت -وإن كانت للإجازة هذه ظروفها الخاصة التي قد لا تقاس على غيرها- لكن بصفة عامة يسأل الطالب نفسه كم قرأ من كتاب في هذه الإجازة؟ ويسأل نفسه أيضاً سؤالاً آخر: كم سمع من شريط؟ فإن الشريط من أسباب تحصيل العلم ولا شك، ويسأل نفسه: كم كتب من بحث في مسألة كبيرة أو صغيرة؟ ويسأل نفسه: كم ذاكر العلماء وطلبة العلم من مسألة؟ فإذا وجد الطالب أنه في هذه الإجازة قد قرأ عشرة كتب، ما بين كبير ومتوسط ورسالة صغيرة، وسمع ما يزيد على ثلاثين أو أربعين أو خمسين شريطاً، وكتب أربعة أو خمسة بحوث، ما بين بحث متوسط وكبير وصغير، وذاكر العلماء في عشرات المسائل التي أشكلت عليه أثناء قراءته أو في حياته اليومية، أو من أسئلة الناس له، فسجلها ودونها، وسأل أهل العلم عنها مشافهة مباشرة أو بالهاتف أو بأي طريق، وسجل أجوبتها وحفظها؛ فإن هذا ما فاته شيء.
بل قد تكون الإجازات -أحياناً- سبباً في تحصيله لعلم ما حصله في غيرها؛ لأنه خلال الدوام المعتاد مشغول بحضور الدرس، وحفظ ما يتطلب الحفظ، ومذاكرة ما يتطلب المذاكرة، ومراجعة ما يتطلب المراجعة، فلا تتاح له فرصة للقراءة ولا للسماع، ولا للمذاكرة ولا للبحث، أما في الإجازة فقد أتيح له من ذلك كله شيء كثير، فهذا سؤال يسأل الطالب نفسه.