Q وردت كثير من الأسئلة تسأل عن أوضاع إخواننا المؤمنين الصادقين في الجزائر؟ وما هي آخر أخبارهم؟ وما تعليق الشيخ على كلمات رئيسهم في حل جبهة الإنقاذ؟
صلى الله عليه وسلم شكر الله أخي الشيخ محمد وبارك الله فيه، وشكر الله لكم مشاعركم، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتحابين بجلاله، وأن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وما أحببتم إلا قلباً يحبكم، وإن كنت لا أعتقد نفسي حرياً بذلك، ولكن أقول كما قال الصديق رضي الله عنه: [[اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون]] .
أما عن أحوال إخواننا المسلمين في الجزائر، فلعل من آخر الأنباء ما سمعتموه البارحة من قرار حل الجبهة وقد أصدر هذا القرار رجل وامرأتان ممن لا ترضون من القضاة، الذين تلقوا أوامر قبل أن تعقد الجلسة أصلاً لمثل هذا الأمر.
ولم يكن منتظراً من قوم ضايقوا الإخوة المسلمين هناك، وضيقوا عليهم وحاصروهم، وحالوا بينهم وبين المنابر، حتى صُلِّيت الجمعة ظهراً في كثير من المواقع، وحتى امتلأت السجون بأكثر من خمسة وثلاثين ألف سجين، وفتحت لهم معتقلات في الصحراء في وسط الشمس الحارة والهجير الذي يخشى عليهم من شدته أن يصل الحال ببعضهم إلى الوفاة، وفي ظل أوضاع سيئة، وفي ظل تآمر عالمي، وصمت وتآمر عربي أيضا، كل ذلك لقيه إخواننا، ومع ذلك صبروا واحتسبوا، ونرجو الله تعالى أن يكتب ذلك في ميزان أعمالهم.
وأقول أيها الإخوة: إذا لم نغضب لإخواننا المسلمين فسلامٌ على الدنيا وكما قيل: فأف على أرض تقيم بغيرها فليس بها للصالحين مُعرَّج إذا لم يكن ثمة قلوب تخفق بحبهم أو تأسى لهم، أو تحزن لما أصابهم، ولم يكن ثمة ألسنٌ تلهج بالذكر والدعاء الصادق المخبت، إذا لم يكن ذلك، فهي كارثة كبرى أن تمزقت أوصال المسلمين وتقاطعوا فيما بينهم، فلم يعد أحد يشعر بمصاب آخر.
وصور نفسك يا أخي الكريم لو أن عدواً داهمك في بيتك وفي أسرتك وفي بلدك، وحال بينك وبين المسجد -نسأل الله ألا يكون ذلك- وضايقك وصادر مالك، وقضى على إنجازاتك، وحطم جهودك، وحال بينك وبين عبادة ربك، ثم انتظرت من المسلمين الذين يقدر عددهم بألف مليون أو يزيدون -كلمة عزاء، وقفة مناصرة، مساعدة، تأييد- فلم تجد إلا صمت القبور! ماذا كنت تصنع؟! كنت تصاب بالإحباط، وكنت تقول: ما هؤلاء المسلمون؟ من هؤلاء الساكتون؟ أفهؤلاء المسلمون؟ أبداً تكذبني وترجمني الحقائق والظنون!! ماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم -يا عبادَ الله- إخوانُ لمثل هذا يذوبُ القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلام وإيمانُ أين نصرة المظلوم؟ مما أخذه الرسول عليه الصلاة والسلام، من حق المسلم على المسلم نصرة المظلوم، دعك من كونه داعية للإسلام، ودعك من كونه حيل بينه وبين تطبيق الشريعة.
القضية قضية نصرة المظلوم، أخرجوا من ديارهم وسجنوا بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله! والعالم كله لم يذكر للجبهة الإسلامية للإنقاذ لم يذكر لها ذنباً، اللهم إلا ذنباً واحداً أنها فازت في الانتخابات؛ لأن الشعب الجزائري أيدها وعرف أنها تدعو إلى تحكيم الشريعة، وهو ما ضحى إلا من أجل تحكيم الشريعة: وعيرني الواشون أني أحبها وتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها لكن أيضا هناك تعليق على قضية حل الجبهة، يقول أحد زعماء الجبهة وقد سمعته: الإسلام أكبر من الجبهة وقبل الجبهة وبعد الجبهة، إن حلوا الجبهة، فإنهم لا يستطيعون أن يحلوا الإسلام، الإسلام والمطالبة بقيام دولة إسلامية في قلب كل مسلم -لا أقول: في الجزائر- بل في بلاد العالم كلها، والإسلام الآن منذ أربعة عشر قرنا وهو يقاوم العوادي جاء الصليبيون بقضهم وقضيضهم، وأقاموا في هذه البلاد فماذا صنعوا؟ ما هي إلا فترة حتى استعاد المسلمون قوتهم فواجهوهم في مواقع ضارية وجعلوهم عبرة؛ حتى أسروا رئيسهم وهو الفرنسيس أو غيره، ووضعوه في دار معروفة بالمنصورة في مصر، فكان شاعرهم يقول: قل للفرنسيس إذا جئته مقالةً من ناصحٍ بَرٍّ فصيحْ دارُ ابن لقمان على حالها والقيدُ باقٍ والطواشيُّ صبيحْ أي إذا رغبتم فعاودوا، فالذي صنعناه بكم في الأمس نصنعه بكم اليوم، وجاء التتار بقوة مذهلة وأعداد كأنهم البحر الهادر، لا يعرف أولهم من آخرهم، قوة متوحشة اجتاحت ما وراءها، جاءت من بلاد الترك ومن وراء بلاد الترك، فكانوا يقضون على الأخضر واليابس، وأصيب المسلمون باندهاش من جراء تلك القوة، ولكن ما هي إلا سنوات حتى استيقظ المسلمون واستعادوا قوتهم، فنازلوا التتار في مواقع حتى أن التتار أنفسهم أسلم منهم عدد كبير، كما قال محمد إقبال رحمه الله: باغتت التتار فأدركتها من الإيمان عاقبة الأمان فأسلم منهم من أسلم، ثم قام المسلمون عليهم وانتصروا عليهم نصراً مؤزراً في معارك تاريخية فاصلة معروفة أيضاً.
الإسلام الذي بعث به محمدٌ عليه السلام عمره الآن أربعة عشر قرناً وزيادة، ونود أن نخبر خصوم الإسلام في كل مكان أن الإسلام دين معمر إلى قيام الساعة!! احشدوا ما أردتمو من بنودٍ وارفعوها على حراب الجنودِ ثم سوقوا لنصرها زمر الأنـ ـعام من كل جاهل وحَقودِ فالأباطيل للزوال وإن أمهـ ـلن والحقُّ وحدَه للخلودِ وإنه لموعد غيب لم نره، ولكنه آتٍ قريب ولتعلمن نبأه بعد حين! المقدم: سلمانُ! كنتُ أرى الأبياتَ قد عجزتْ عن الثناء وهاهي اليوم قد قالتْ يا شيخنا كم حباك الله من أدبٍ معين وعلم يشفى الساكتْ