قلة المواقف الدعوية

أيها الإخوة: أين المواقف، كموقف الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه وأرضاه، الذي يسلم الآن، وخلال ربع ساعة يتحول من كافر إلى مسلم داعية إلى الله تعالى، لم يعش سنين طويلة يقول: أتعلم أو أتفرغ للعلم، أو ما أشبه ذلك، بل مجرد مانطق بالشهادة أعلنها صريحة مدوية في مكة وكان داعية وذهب إلى قبيلته، وأسلموا عن آخرهم، أين المسلم الذي يشعر بهذا الشعور؟ بل أين المسلم الذي يحس بإحساس أولئك النفر من الجن، الذي ذكر الله خبرهم، {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الاحقاف:29] لم يقل ولوا إلى قومهم مسلمين ولا مخبرين، وإنما تحولوا من كفار إلى مسلمين دعاة إلى الله عز وجل، تعتمل في قلوبهم مشاعر الدعوة والنذارة والتخويف، ولهذا كانوا يخاطبون قومهم بكل حرارة وإشفاق ووجل: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الاحقاف:32] أين المشاعر التي توجد في نفوس هؤلاء، من مشاعر كثير من المسلمين اليوم، الذين قد يكون عمر الواحد منهم ثلاين أو أربعين أو خمسين سنة، ومع ذلك ما فكر وما سأل نفسه هذا السؤال، أي جهد قدمته لهذا الدين؟ أي مشاركة؟ ما هو موقعك وما مقامك وما بلاؤك في الإسلام؟ هذه أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك، ويجب أن تحس أنك أنت بذاتك المخاطب دون غيرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015