أيها الأحبة: على أنني أشكركم على هذا الحضور المعبر كما أسلفت من هذا البلد، ومن بلاد ومناطق أخرى، إلا أنه يقلقني أن أرى هذا الجمع أمامي، فهذا الجمع ما حضر إلا ليسمع شيئاً ثميناً سميناً، وهذا الشيء الثمين السمين لا أملكه ولا أستطيعه، فلعل كرمكم الذي دعاكم إلى هذا الحضور، أن يدعوكم إلى أن تلتمسوا العذر لأخيكم في هذا الوقت وفي كل وقت، وقد خاطرت نفسي -أيها الأحبة- كثيراً فيما أتحدث به إليكم في هذه الجلسة الافتتاحية الحافلة، فلم أجد من المناسب أن أعالج موضوعاً خاصاً محددا، ً كما هي العادة في هذه الدروس، ولكني وجدتها فرصة للإفضاء إليكم بمجموعة من الخواطر والأحاسيس المتأججة في نفسي، وإن كانت متفرقة متناثرة، فالحديث -كما تقول العرب- ذو شجون.
ثم احترت في العنوان الذي يجمع شتات هذا الحديث فأطل علي اختيار الإمام ابن الجوزي رحمه الله وقال لي ليكن عنوان حديثك (صيد الخاطر) ولكن سبقه حسن تعبير محمد إقبال رحمه الله في قصيدته (جواب شكوى) فقال: بل حديث الروح فكان عنوان هذه الجلسة (حديث الروح) .
حديث الروح للأرواح يسري فتدركه القلوب بلا عناء هتفت به فطار بلا جناح وشق أنينه صدر الفضاء ومعدنه ترابيٌ ولكن جرت في لفظه لغة السماء لقد فاضت دموع العشق مني حديثا كان علوي النداء فحلق في ربا الأفلاك حتى أهاج العالم الأعلى بكائي