الخطوة الأولى التي نخافها ونخشاها: أننا نجد تجاوزات هنا وهناك، في عدد من الجامعات في هذه البلاد، وفي كليات الطب بالذات، وفي المستشفيات كلها بدون استثناء، وفي كثير من الأعمال الحكومية المتنوعة، وهذه مرحلة أولى لاختلاط الرجل بالمرأة؛ لأنه يوجد فرص كثيرة للاختلاط، وأحياناً يوجد اختلاط لابد منه على حسب طبيعة العمل.
بعد ذلك سيتطور الأمر -إذا لم يرحمنا الله ويقوم أهل الغيرة بمعالجة هذه الظواهر والقضاء عليها- بأن تكثر هذه التجاوزات وهذه الأخطاء، حتى تصبح أشياء كثيرة تضغط على مصدر القرار، لكي يصدر قرارات تتلاءم مع الوضع الجديد من أجل حفظ القرار؛ لأن القرار حتى يكون قراراً محترماً يجب أن يراعي.
فمثلاً: إذا كثر الاختلاط وصارت ظاهرة فإنه تلغى قضية منع الاختلاط حتى يكون الاختلاط أمراً مقراً لمقتضى النظام، وليس أمراً مخالفاً للنظام، بعد ذلك تفتح الأبواب على مصراعيها، وينتقل الاختلاط إلى مؤسسات أخرى، وإلى جميع أجهزة المجتمع ومؤسساته، وأخيراً ترتفع الأصوات المؤيدة لشرعية هذا الاختلاط، سواء تحدثت عن الشرعية من الناحية الدينية، مثلما نقرأ بعض الفتاوى لبعض العلماء من أكثر من بلد، يقولون: إن الاختلاط ليس به بأس، بل إن رجلاً يقول: إن المرأة السافرة أفضل عند الله من المرأة التي تغطي وجهها، فيحاولون أن يصوغوا مثل هذه الأمور بصور شرعية، وبعضهم بصور علمانية؛ كأن يقولون مثلاً: هذه أشياء معروفة، ومنتشرة لدى الناس، وأنها قضايا أصبحت لا مجال لمخالفتها، وأن المجتمعات كلها تقرها، وليس هناك ما يجعلكم تتحكمون بهذه الأشياء القديمة.