الْمَعْلَمْ الرابع: هو أن لا يستمرئ الإنسان المعصية بالنظر إلى من دونه، مثلاً: إنسان واقع في معصية من المعاصي، يقول: أنا الحمد لله على ما عندي من المعصية أهون من فلان بن فلان، فإذا كان هناك إنسان -مثلاً- مبتلى بالنظر الحرام، فالذي يبين أنه على جادة الاستقامة، أن يوبخ نفسه ويلومها ويخوفها من ذلك، ويقول لها: يا نفس اعلمي أن النظر الحرام هو أول مدارج الزنى والوقوع في الفواحش، كما قال الأول: كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر يضر مهجته ما سر مقلته لا مرحباً بسرور جاء بالضرر فيوبخ نفسه على النظر الحرام، ويحاول أن يتوب، لكن المشكلة إذا كان الإنسان يقول: النظر بسيط -والحمد لله- أنا أنظر وكل الناس ينظرون إلى الحرام، والمشكلة فلان والعياذ بالله يتعدى النظر إلى محاولة إقامة علاقات مع النساء، وفلان والعياذ بالله يسافر إلى الخارج ويرتكب الموبقات، وينغمس في الملذات والشهوات المحرمة، فإذا كان الأمر كذلك، معناه يمكن للإنسان أن يصل إلى نهاية الحضيض وهو لا يدري.
وحتى الإنسان الذي يسافر إلى الخارج، وينغمس في الملذات والمحرمات، ويقع في أحضان المومسات، حتى هذا الإنسان يمكن أن يقول: والله الحمد لله أنا في خير بالقياس إلى الناس الذي بجواره، فهؤلاء كفار، ممن لا يعرفون الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يصلون، وأنا على الأقل أصلي الصلوات الخمس، وإن كانت عندي معاص.
وكذلك الإنسان الواقع في ترك الصلوات الخمس، وهي من أعظم الكبائر، بل تركها بالكلية كفر وردة، يقول: الحمد لله أنا عندي أصل التوحيد عندي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداًً رسول الله، والمشكلة اليهود والنصارى، الذين لا يعرفون الله، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
إذاً لا ينبغي للإنسان أن يستمرئ المعصية، وينظر إلى من هو أشد منه عصياناً لله تعالى، كلا! بل يجب أن ينظر إلى من هو أشد منه طاعة لله عز وجل.
كما أنه في شأن الدنيا، يجب أن ينظر إلى من دونه، حتى لا يزدرى نعمة الله تعالى عليه، فما بالنا نقيس بمقياسين، ونكيل بمكيالين! فتجد الواحد منا في الدنيا ينظر إلى المترفين والأغنياء، والكبراء ويقول: لو أن لي مثل مال فلان، ويا ليت عندي مثل فلان وفلان بن فلان، ولكن عندما يأتي أمر الدين تجد الواحد منا يأخذ بأقل الأمر! إذاً المعلم الرابع: هو أن لا يستمرئ الإنسان المعصية، ويستهين بها، ويقيس نفسه بمن هو أشد معصية لله تعالى منه، لا.
بل يجب أن ينظر إلى من هو أشد طاعة لله تبارك وتعالى منه، وذلك مهوىً إن وقع فيه الإنسان فهو مهوى بعيد القرار يؤدى بالإنسان والعياذ بالله إلى النار وبئس المصير.