Q بعض الآباء يزوجون بناتهم بلا إذنهن، فهل يجوز ذلك؟
صلى الله عليه وسلم بينه الرسول صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين من حديث خنساء بنت خذام {أن أباها زوجها بدون إذنها وكانت ثيباً فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها} .
وفي الحديث عن ابن عباس رضى الله عنه {أن امرأة زوجها أبوها وهي جارية بكر بدون إذنها فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم} والحديث رواه أصحاب السنن، وسنده صحيح.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر} وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن إذن البكر أن تسكت {وإذنها صماتها} .
فهذه الأحاديث دلت على أنه لا يجوز، وليس من حق الأب أن يكره ابنته لا بكراً ولا ثيباً على الزواج من رجل لا تريده، وهذا قول جمهور السلف وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد يقول: (وهو الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه) وهذا الحكم الموافق لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد رد نكاح الثيب التي أكرهت، وخير البكر بين أن تبقى أو تفارق زوجها، فحكم بأن البكر والثيب لا تكره على من لا تريد وهو الموافق لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر باستئذان البكر واستئمار الثيب، البكر تستأذن، والثيب تستأمر، وهو الموافق لنهيه صلى الله عليه وسلم، حيث {نهى عن تزويج البكر حتى تستأذن، وعن تزويج الثيب حتى تستأمر} وهو الموافق لمصلحة المرأة، لأن من المعلوم أن إكراه المرأة على رجل لا تريده في الغالب يؤدي إلى أحد حالين:- إما إلى الطلاق، والطلاق -بلا شك- مضر بالمرأة ضرراً كبيراً، أو أن تبقى المرأة في عصمة الزوج وهو يؤذيها ويضطهدها، وهي لا تريده، إما لأمر ديني أو لأمر دنيوي -أيضاً- وهو الموافق لأصول الشريعة، فإن من المعلوم أن المرأة لا يجوز لأبيها أن يأخذ شيئاً من مالها بغير حق، ولا أن يتصرف فيه بغير إذنها، فكيف يجوز له أن يتصرف في جسدها وفي بضعها وفي حياتها بدون إذنها، بل بما يخالف رغبتها، ونجد اليوم في المجتمع حالات كثيرة من حالات الزواج تنتهي بالفراق وبمشكلات طويلة عريضة قد يكون الأب نفسه يتأثر منها، والسبب هو: أن الأب أو الأم -أحياناً- ضغطوا بطريقة معينة حتى أقنعوا وأجبروا هذه المرأة، لا أقول: أقنعوا.
فالإقناع وارد، لكن أقول: حتى أجبروا الفتاة على الزواج من رجل لا تريده، الأم تظل تقنع الأب: لا نريد إلا فلان، لأنه قريبها -مثلاً-، فالأب بدوره يكره الفتاة عليه، أو يكون الأب يريد هذا الرجل بغرض من الأغراض.
وقد يقول بعض الناس: إن المرأة قد تريد رجلاً فاسقاً، وأنا لا أريد إلا رجلاً صالحاً، فنقول: نعم، من حق الولي أن يرفض الرجل الفاسق، بل يجب عليه ألا يقبل لموليته إلا رجلاً صالحاً، فهي أمانة في عنقه لا يضعها إلا في موضعها الصحيح، فلا تقبل إلا رجلاً صالحاً، لكن لا تكرهها عليه، وبعض الآباء -أيضاً- يقول: إن البنت قد تطيل البقاء في البيت وتعزف عن الزواج حتى يفوتها الركب، وهي لا تدرك المصلحة في ذلك، فيريد أن يكرهها؛ لأنه يعرف أن في هذا مصلحتها، والجواب أن يقال أولاً: إن على الأب أن يقنع البنت بوسائل الإقناع أن المصلحة في ذلك، ويستعين بكل ذي رأي من أهلها كأمها وأخواتها أو غير ذلك.
ثانياً: على الأب أن يضغط على البنت أنه لابد أن تتزوج، لكن لا يلزمها بشخص معين، لابد أن تتزوج من رجل كفء، فلان أو فلان أو فلان لا أشترط شرطاً بعينه، المهم لابد من الزواج.