حكم نظر المرأة إلى الرجل

Q ما حكم نظر المرأة إلى الرجل؟

صلى الله عليه وسلم فأما نظر المرأة إلى الرجل -فكما سبق في أكثر من موضع- أن هذا النظر إن كان بشهوة فهو محرم ولا يجوز، وكل نظر بشهوة فهو محرم -بلا استثناء-، حتى نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة بشهوة فهو محرم، حيثما وجدت الشهوة فالنظر محرم.

وإن كان نظر المرأة إلى الرجل بغير شهوة، وليس التركيز عليه بالنظر إليه لشخصه وإنما النظر إلى وضع عام، فهذا جائز وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها {كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد} وهو في صحيح البخاري ومسلم، فهذا دليل، فهي لم تكن تنظر إلى أشخاصهم ولا يهمها من يكونوا، ولكن هي تنظر إلى لعبهم في المسجد، فالمرأة حين تنظر إلى الرجل نظر تحديق، وتحدق النظر فيه بشهوة، فهذا محرم ولا يجوز، وأقول: إن من الأشياء التي يجب أن ينبه إليها الإخوة والأخوات على حد سواء، أن هناك قضية مهمة جداً، العين والأذن هي منافذ إلى القلب، فما تسمعه بأذنك أو تراه بعينك فإن بصماته على قلبك، ولذلك الشاعر يقول:- كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحباً بسرور جاء بالضرر (يسر مقلته ما ضر مهجته) أي يسر عينه النظر الذي يضر قلبه، وبعض الناس والعياذ بالله يسقطون في هذا المقلب الذي حبكه الشيطان، فتكون هذه هي القاضية، قد ينظر الرجل إلى امرأة نظرة عابرة فيتعلق قلبه بها -والعياذ بالله! فيخسر دنياه وآخرته، وكذلك العكس فقد تنظر المرأة إلى رجل فتتعلق به، فتخسر دنياها وآخرتها، حتى إن منهم من يقول: إنه قد سيطر معشوقه ومحبوبه على قلبه؛ حتى إنه وهو يصلي ويضع جبهته في الأرض لرب العالمين ويسأل الله عز وجل؛ ليس في قلبه إلا هذا المحبوب -والعياذ بالله! وهذا شرك بالله عز وجل، فرغ القلب من محبة الله، فرغ من الإيمان بيوم الدين، فرغ من الرجاء والخوف، فرغ من الرغبة في الجنة والحذر من النار، وتمحض القلب ولو لوقت معين؛ فأصبح ليس فيه إلا هذا المعشوق، نسأل الله السلامة!! ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام نبهنا {إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} فإذا كان الشيطان عدو يقاتلنا على أكثر من ميدان، فيجب أن ندرك أن منطقة الصراع التي يشتد حولها القتال هي القلب، فإذا استطاع الشيطان أن ينفذ إلى قلبك أو إلى قلبكِ، فحينئذ تكون الحصون قد سقطت، ويصبح الإنسان وهو يدافع الشيطان مثل القوم الذين هجم عليهم العدو وانتشر في الشوارع، فهم يقاتلون العدو في شوارع المدينة وطرقاتها، والنصر حينئذ ليس مستحيلاً، لكنه صعب، وعلى كل حال فكل داء له دواء، والحجة على الخلق ذكورهم وإناثهم قائمة بالقرآن والسنة؛ بالرسل، بالآيات الكونية والآيات الشرعية، بالمصلحين الذين أقام الله بهم الحجة، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [الإسراء:15] وعلى الإنسان أن يملأ قلبه بالمواد الصالحة من الاشتغال بالخير، وحمل همَّ الدعوة إلى الله، وطلب العلم، ومحبة الله، والتفكير في الآخرة؛ لأن القلب المملوء بهذه المواد الصالحة لا مجال للشيطان فيه.

أما القلب الفارغ، فإن الشيطان يبيض فيه ويفرخ، ويتداعى الشياطين إليه، فهم يتراكضون فيه كما تتراكض الكلاب والذئاب في الصحراء الخالية المظلمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015