قصة أبي عمير مع الرسول

الحادثة التاسعة: يرويها البخاري، يقول أنس: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ كان لـ أبي طلحة، غلام يقال له؛ أبو عمير، وكان معه عصفورٌ يلعب به، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يغشاهم في منزلهم ويجلس وربما صلى في بيتهم} فكان الصبي هذا يلعب بالعصفور {فمات العصفور يوماً من الأيام، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فرأى هذا الغلام حزيناً مكتئباً لموت طيره أو عصفوره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا عمير ما فعل النغير، يلاطفه بهذه العبارات الرقيقة، بهذا السجع الحسن والجميل ويكنيه يا أبا عمير ويسأله عن العصفور، فيقول: ما خبره؟ قال: مات يا رسول الله} وكانت آثار الحزن بادية على هذا الصبي الصغير.

ولهذا الصبي الصغير شأنٌ أي شأن، كان من خبره أنه مرض كما في الرواية الأخرى وهي في الصحيحين من حديث أنس {أن هذا الصبي مرض مرضاً شديداً وكان أبو طلحة يحبه؛ لأنه كان غلاماً صبيحاً جميل الشكل، حلو المعاشرة ذكياً، فكان يحبه أبوه ولا يصبر عنه، فمرض مرضاً شديداً، فقلق من أجله، أبو طلحة رضي الله عنه، ففي يومٍ من الأيام دخل أبو طلحة على البيت، وكالعادة سأل أم سليم زوجته ما شأن الصبي؟ قالت: هو أسكن ما كان، أي: ساكن لا يبكي، فاستأنس لذلك أبو طلحة، وقربت إليه تمرا ًفأكل ثم تجملت له، واقتربت منه فضاجعها وأصاب منها فلما انتهى منها، قالت له: واروا الصبي، وفي رواية: أنها قالت له: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن جيراننا أعطونا شيئاً عارية ثم استردوها، هل كان في ذلك شيء، قال: لا! فقالت: إن الله تعالى قد قبض روح هذا الصبي، فانزعج لذلك.

فلما كان الصباح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بالخبر فسر لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أعرستم الليلة؟ -هل أصبت من المرأة الليلة؟ - قال: نعم، فدعا لهما النبي بالبركة فولد لهم غلام فجاء به إلى النبي فسماه عبد الله، ودعا له.

قال أنس: فلقد رأيت من ولده كذا من الولد كلهم حفظوا القرآن الكريم ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له} .

وقصة أبي عمير -يا أبا عمير ما فعل النغير- صنّف فيها أحد العلماء كتاباً مستقلاً، عالم شافعي يقال له ابن القاص ذكر فيه ستين فائدة لهذا الحديث؛ ليبين أن الحديث الذي قد يظن الناس أنه ليس له فائدة أن فيه من الفوائد والمنافع الشيء العظيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015