اختلاف تضاد

القسم الأول: اختلاف تضاد، يعني كل واحد من المختلفين، أو من المتفرقين ضد للآخر، وذلك كالأحزاب التي تقوم في كثير من الدول، ويرفع كل حزب منها راية مغايرة للأخرى، فأحد الأحزاب -مثلاً- يرفع راية علمانية، وحزب آخر يرفع راية اشتراكية، وحزب ثالث يرفع راية قومية عرقية، كالبربرية، أو العربية، أو الطورانية، أو ما سواها، وحزب رابع يرفع راية بدعية مخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها إحداث في الدين بما لم يأذن به الله عز وجل، وخامس، وسادس، وهكذا.

وهذا التفرق لا شك أنه من التفرق المذموم، الذي نهى الله تعالى ورسوله عنه، كما قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:31-32] .

فذكر أن هذا من شأن المشركين التفرق في الدين وقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] إلى غير ذلك من النصوص، وإذا كان هذا المذهب الباطل من اشتراكية، أو علمانية، أو شيوعية، أو بدعة باطلة، أو غير ذلك، إذا كان هذا المذهب محرماً في ذاته، أي أن اعتقاد الشخص الواحد له كان حراماً، أو انتسابه إليه، فما بالك إذا اجتمع قوم على هذا الحرام، فلا شك أن ذلك الأمر أعظم إثماً، بل هو محادة لله تعالى ولرسوله، فمن البديهيات أن الإسلام حق، وكل ما يخالفه فهو باطل، ولهذا قال الله تعالى: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس:32] هذا هو النوع الأول وهو اختلاف التضاد وهذا هو الذي فرق المسلمين، وشتتهم، ومزقهم شر ممزق، وأهدر جهودهم وطاقاتهم، وأشغلهم بأنفسهم عن عدوهم، وهو مما ينبغي أن يتنادى المخلصون، والغيورون، والدعاة، والمصلحون، إلى حربه، ومحاولة تخليص المسلمين من شره وعواقبه وبراثنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015