القضية الجديدة والخطيرة -أيضاً- ضمن التواطئ العالمي هي قضية كرواتيا؛ فإن المخرج والمنفذ والجانب الإيجابي والأكبر للمسلمين هو أنه كان هناك نوع من التعاون بينهم وبين كرواتيا المجاورة وهي المنفذ الوحيد لدولة المسلمين، وفي الأيام الأخيرة -وقد كنت أخبرت عن ذلك قبل شهور طويلة وأصبح الآن هذا الموضوع عملياً واضحاً قائماً- أصبح هناك معارك دامية بين المسلمين والكروات، لقد قام الكروات بقتل مجموعة من خيرة الشباب من البلاد العربية والإسلامية غدراً وخيانة في أحد المعارك، ثم كان من آخر غدرهم وخيانتهم سقوط مدينة بوسانس كيبرود وهي مدينة في الشمال محصنة؛ بل هي قلعة من قلاع المسلمين هناك.
وحسب التقارير العسكرية فقد كان من المستبعد أن تسقط المدينة، وقد فوجئ الجميع بسقوطها وتكلمت الصحف الألمانية: (أن سقوط هذه المدينة كان نتيجة خيانة من الجنود الكروات الذين سلموا المدينة إلى الصرب مقابل أن يتخلى لهم الصرب عن شريط حدودي مجاور لهم) وبمباركة الكنيسة وتحت رعاية الأمم المتحدة أيضاً وممثليها وهم وورد أوويه وفانزتم في جنيف عقد اجتماع بين الرئيس الكرواتي والرئيس الصربي، وتم الاتفاق على النقاط التالية: أولاً: علاقات ودية بين الدولتين.
ثانياً: فتح مكاتب متبادلة في عاصمتي الدولتين.
ثالثاً: فتح الطريق التجاري بين زغرب وبلجراد.
رابعاً: تبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما.
خامساً: تبادل الأسرى بينهم.
سادساً: خروج القوات الصربية من كرواتيا باتجاه البوسنة.
وقام بعض الوزراء من كرواتيا بزيارة رسمية إلى بلجراد، وهذا يدل على خطورة الموقف وأن المسلمين يعيشون وضعاً حرجاً للغاية.
إن المنفذ الوحيد والطريق الوحيد الذي تصل إليهم منه الإعانات والإمدادات، ويتم عبره وصول المسلمين، ووصول المجاهدين، ووصول الأموال، إن هذا الطريق الوحيد يتم عن طريق كرواتيا، وهي الآن تقيم أوثق العلاقات مع صربيا.
منذ بدء الحرب والكروات كانوا يحققون بعض المكاسب على حساب المسلمين -فمثلاً- تجارة السلاح، كان الكروات يستغلون الضعف الذي يعيشه المسلمون وحاجتهم إلى السلاح، بتجارة السلاح، وكذلك رفع راية كرواتيا على كثير من المناطق المحررة، التي كان المسلمون وراء تحريرها، ومثل إقامة نقاط التفتيش على بعض المواقع والطرق، وتفتيش القوافل الإسلامية وغيرها، ومثل بث الدعاية عن الجهود الكرواتية، ومثل فرض الرسوم والضرائب على دخول المسلمين، وعلى دخول السلع، وعلى كل ما يصل إلى كرواتيا بل إن كرواتيا تقوم باقتسام صفقات السلاح المخصصة للبوسنة وأخذ نصيب منها.
إضافة إلى أن كرواتيا قامت بمنع كثير من المسلمين القادمين، وإعادتهم من مطار زغرب إلى حيث قدموا، ومنها أيضاً حجز بواخر السلاح وطائراتها كما سمعتم كثيراً في الأخبار، ومنها أنهم لم يشاركوا في أي معركة جادة في التحرير لمقاومة الصرب، وإنما كانوا يُورّون بالقليل من الأعمال.
وهذا يؤكد لنا أيضاً الحقيقة السابقة، وهي أنه لا ثقة أبداً إلا بالمسلم، أما هؤلاء النصارى، فالذي يثق بهم فإنما يسعى إلى قتل نفسه بنفسه! إن المصادمات الأخيرة بين المسلمين وما يسمى لجنة الدفاع الكرواتي، والتي يرأسها شخص اسمه ماتي جوبان وهو رجل مخابرات شيوعي، قدم من كرواتيا نفسها، وقام بزيارة قبل الأحداث الأخيرة إلى مدينة رافليد، لإشعار المسلمين أن هذه المدينة جزء من الأرض الكرواتية التي يسمونها هيركست بوسنا يعني أنها أرض الكروات أو الكانتون المخصص للكروات في أرض البوسنة.
وزار الرجل هذه المدينة بهذا الهدف، وإذا تم هذا الاتفاق اتفاق الكانتونات فلن يكون للمسلمين أكثر من (15%) من أرض البوسنة والهرسك، ودارت في هذه المدينة معارك ضارية، قتل فيها أكثر من مائة وجرح فيها أكثر من مائة وخمسين، وما زالت المعارك جارية في أكثر من موقع، وبناءً عليه فقد تم إغلاق حدود البوسنة، وبذلك توقفت المساعدات الإنسانية والغذائية التي كانت تأتي إلى المسلمين عن طريق كرواتيا، وهذا يهدد مئات الآلاف بالموت جوعاً وبرداً!! وإن ممثل الأمم المتحدة حينما قال: (إن أكثر من نصف مليون مسلم يتعرضون للموت بسبب الجوع والبرد) كان هذا قبل أن تغلق الحدود مع كرواتيا، فما بالك اليوم وقد أغلقت الحدود؟! إن الأمر يبدو أكثر مأساوية وأكثر خطورةً.