الاغتصاب

الجانب الرابع من جوانب المأساة وهو جانب يُبكي: (جانب الاغتصاب) فقط خمسة وثلاثون ألف امرأة التي تم اغتصابها على أيدي قوات الصرب.

وقد نشرت صحيفة نيويورك نيوزداي في تاريخ 22 أغسطس -وهي أيضا صحيفة غربية- نشرت تقريراً عن وحشية الاغتصاب الصربى للمسلمات، كما نشرت صحيفة ألمانية حقائق عن جنود الأمم المتحدة، وأنهم يشاركون الصرب في اغتصاب المسلمات، ويفتخرون بأنهن فتيات جميلات، ويقول أحد المراسلين: إنه يملك حقائق ووثائق عن هذا الأمر.

وفي صحيفة ألمانية اسمها دى فلت قالت: (إن قوات حفظ السلام تقوم بالاشتراك مع الصرب في اغتصاب المسلمات في قرى البوسنة وقد بعثت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان برسالة للمؤتمر الدولي المنعقد في جنيف لتأكيد هذه الحقيقة) .

ولقد دمعت عيني وأنا أقرأ كلمة لأخت مسلمة اسمها مفيدة عاليك تقول: (ما دام العالم من حولنا قد عجز عن أن يحمينا من الوحوش الصربية فلماذا لا توفر لنا جهات الإغاثة على الأقل حبوبا لمنع الحمل حتى نداري بها جانباً من مصيبتنا؟!) .

الله أكبر! حدثونا عن أتباع دين في الدنيا كلها يجري لهم مثل ذلك ثم يظل إخوانهم في العقيدة والدين ينامون ملء عيونهم ويأكلون ملء بطونهم ويملكون الأموال ملء جيوبهم بل ملء خزائنهم كأن الأمر لا يعنيهم!! ماذا التباعد في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان أما الحديث عن تدمير المنازل، وهدم المساجد، وإحراق المصانع، والقنص في الشوارع، والقصف العشوائي، والحرائق المتواصلة، فحدث ولا حرج، بل إن الوضع الذي يعشيه المسلمون الآن في هذه اللحظات من أصعب وأشد الأوضاع مع إقبال الشتاء الطويل عندهم ومع فقدانهم للتدفئة، حيث انقطع التيار الكهربائي، وحيث لا يستطيعون أن يحصلوا على الحطب للإيقاد، وحيث تكسرت وتهشمت النوافذ فأصبحوا لا يستطيعون أن يتقوا من أذى البرد بشيء، ودرجة الحرارة هناك تصل إلى عشر درجات تحت الصفر! يقول ممثل الأمم المتحدة هناك: (إن الموت يهدد أكثر من نصف مليون مسلم، سواء بشدة البرد، أم بالجوع، أم بغير ذلك من الوسائل) وسوف أزيدك من بيان هذه الحقيقة.

إنها مأساة كبيرة، ولعل الشاعر الذي تكلم وذكر هذه الملحمة يصور حقيقة ما يجري هناك أبلغ تصوير إذ يقول: أحقاً خبا من جورندةَ نورها وقد كسفت بعد الشموس بدورُها وقد أظلمت أرجاؤها وتزلزلت منازلها ذات العلى وقصورها تسلمها حزب الصليب وقادها وكانت شروداً لا يقاد نفورها فباد بها الإسلام حتى تقطعت مناسبها واستأصل الحق زورها بقرع النواقيس اعتلى بمنارها كراه أصوات يروع صريرها فواحسرتاه! كم مساجد حولت وكانت إلى البيت الحرام شطورها ووآسفا كم من مآذن أوحشت وقد كان معتاد الأذان يزورها وكم من لسان كان فيها مرتل وحفل بختم الذكر تمضي شهورها وكم طفلة حسناء فيها مصونة إذا سفرت يسبي العقول سفورها تميل كغصن البان مالت به الصبا وقد زانها ديباجها وحريرها فأضحت بأيدي الكافرين رهينة وقد هُتكت بالرغم منها ستورها وقد لطمت -واحر قلبي- خدودها وقد بُعْثِرَتْ -وادمع عيني- شعورُها وإن تستغث بالله والدين لا تُغَثْ وإن تستجر ذا رحمة لا يجيرها وقد حيل ما بين الشقيق وبينها وأسلمها آباؤها وعشيرها وكم من عجوز يحرم الماء ظمؤها على الذل يُطوى لبثها ومسيرها وشيخٍ على الإسلام شابت شيوبه يمزق من بعد الوقار قتيرها وكم فيهم من مهجة ذات ضجة تود لو انضمت عليها قبورها لها روعةٌ من وقعة البين دائمٌ أساها وعينٌ لا يَكَفُ هديرها وكم من صغير حيز من حجر أمه فأكبادها حراء لفحٌ هجيرها وكم من صغير بَدَّلَ الدهرَ دينُه وهل يتبع الشيطان إلا صغيرها كُروبٌ وأحزان يلين لها الصفا عواقبُها محذورةٌ وشرورُها فيا قرحة القلب الذي عاش بعدها ويالَعمى عينٍ رآها بصيرها ويا غربة الإسلام بين خلالها ويا عثرة أنَّى يقال عثورها؟! ويا ليت أمي لم تلدني وليتني بليت فلم تلفح فؤادي حرورها ويالعزاء المسلمين لفاقة على الرغم أغنى من لديها فقيرها منازهها مصدورة وبطاحها مدائنها موتورة وثغورها تهائمها مفجوعة ونجودها وأحجارها مصدوعة وصخورها وقد لبست ثوب الحداد ومزقتْ ملابس حسن كان يزهو حبورها فلو أن ذا إلف من البين هالك لذابت رواسيها وغاضت بحورها تَرى للأسى أعلامها وهي خُشَّعٌ ومنبرُها مستعبر وسريرها ومأمومُها ساهي الحجا وإمامُها وزائرها في مأتم ومزورها أضعنا حقوق الله حتى أضاعنا وحُلَّتْ عرى الإسلام إلا يسيرها وملتنا لم تعرف الدهرَ عُرفها من النكر، فانظر كيف كان نكيرها لقد سلبوا أوطاننا ونفوسنا وأموالنا فيئاً أبيحت وفورها علوها بلا مهر وما غَمَزَتْ لهم قَناةٌ ولا غارت عليهم ذكورُها وقد عدت الأفرنج من كل شاهق علينا فَوَفَّتْ للصليب نذورها وقد كشرت ذؤبانها وكلابها وَقَدْ كسَّرَتْ عقبانُها ونسورها ودبت أفاعيها إلى كل مؤمن وغصَّ بأكباد الثقات عقورها أنادي لها عُجْمَ الرجال وعُرْبَها نداء سراة القفر إذ ضَلَّ عِيرُها إله الورى! ندعوك يا خير مرتجىً لكالحة هزَّ الصليب شرورها أغث دعوات المستغيثين إنهم ببابك موقوفو الحشاشات بورها إنه تصوير حي لمأساة أليمة مرعبة لا يملك الكثيرون من المسلمين حيالها إلا أن يهزوا رءوسهم، وأقل المسلمين هو أيضا من يهز رأسه، ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبنا الله ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015