والآن نأخذ أنموذجاً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع طريقة استخراجه من المعجم، ثم من الكتب الأصلية بطريقة عملية، وقبل أن أذكر الحديث أطلب من الطالب:- أولاً: أن يحضر الكتب التالية المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، ثم صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة، والدارمي، والموطأ، ومسند الإمام أحمد، مع كتاب تيسير المنفعة لكتابي: مفتاح كنوز السنة، والمعجم المفهرس، كتاب تيسير المنفعة الذي وضعه الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي.
فهو كتاب ذو أهمية في هذا المجال، وسوف أختار الآن حديثاً، وأطلب من الأخ -أيضاً- أن يكتب ويتابع معي أولاً بأول، بطريقة دقيقة حتى يستغني -إن شاء الله- بهذا المثال، عن كثير من الكلام النظري الذي يمكن أن يقال في المعجم وطريقته.
ولنفترض أن بين يدينا حديثاً نبوياً مقيداً بصحابي معين، وهذا الحديث هو: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولكن لا أجد حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، ويشق علي أن يتخلفوا عني} إلى آخر الحديث.
فهذا الحديث الآن مقيد بصحابي وهو أبو هريرة، فلو جاءنا من طريق صحابي آخر، ونحن نريد تخريج حديث أبي هريرة، لكان هذا الحديث الآخر غير الحديث الذي نريد، وإن كان قد يكون شاهداً له، ولكن المقصود أنه ليس هو نفس الحديث، فهو مقيد بصحابي، ثم هو -أيضاً- مقيد بموضوع -وأرجو أن ننتبه لهذا الأمر الآخر- فهو يتحدث في قضية الجهاد في سبيل الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لولا خوفه المشقة على أمته، ما تخلف عن سرية تخرج في سبيل الله عز وجل، ولكن لا يجد سعة فيحملهم، ولا يجدون هم سعة فيتبعونه.
إذاً: موضوع الحديث واضح، وصحابي الحديث واضح، هذا أنموذج، وقد يأتينا -أحياناً- حديث بدون صحابي، أما الموضوع فالعادة أنه لا بد من موضوع، ولكن قد يكون الموضوع واسعاً، وقد يكون الموضوع محدوداً، فالموضوع الذي بين أيدينا محدود، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لولا خوفه المشقة على أمته ما تخلف عن سرية، كما أن الحديث -أيضاً- مقيد بصحابي وهو أبو هريرة، فإذا أردنا أن نبحث عن هذا الحديث في المعجم؛ فإن علينا:- أولاً: أن ننظر في أي كلمة من هذا الحديث، فعندما يقول: [لولا أن أشق] وقد ذكرنا من قبل أن المعجم استبعد منه الحروف وما شابهها، فكلمة [لولا] و [أن] هذه نستبعدها ولا نبحث فيها، إنما نبحث في كلمة [أشق] كذلك [على أمتي] عندنا [على] مستبعدة -أيضاً- لأنها من الحروف، فممكن أن نبحث في مادة [أمة] ومادة [تخلفت] يمكن أن نبحث في مادة [خلف] الفعل الماضي المجرد، الخاء مع اللام مع الفاء، وهكذا.
والآن سوف أختار موضوعاً واحداً فقط، وبإمكان الطالب أن يأخذ مثالاً آخر ويطبق عليه، نأخذ موضع [أشق] : {لولا أن أشق} فنأخذ [أشق] ونحول الفعل [أشق] وهو فعل مضارع، إلى الفعل الماضي المجرد [شق] والقاف هنا مضعفة نرجعها إلى أصلها [شقق] .
فنجد مادة [شقق] في المعجم المفهرس، وبعدما نستعرض المجلدات الأول، ثم الثاني، ننظر في المجلد الثالث، فنجد فيه أنه يبدأ بحرف [السين مع النون مع الميم] وينتهي بمادة [الطاء مع العين مع الميم] وهذا الكلام واضح في غلاف المجلد، في كعب المجلد.
إذاً: المادة التي عندنا هي مادة [شقق] فهي موجودة حتماً في هذا المجلد، لأنها محصورة بين مادة [السين] ومادة [الطاء] فالشين التي تبدأ بها مادة [شق] بعد السين، وقبل [الطاء] فنبحث في هذا المجلد عن كلمة [أشق على أمتي] ولا نزال نبحث حتى نجد صفحة [158] فنجد [لولا أن يشق] ثم وضعوا بين قوسين في أحاديث أخرى [أشق على المسلمين] ثم وضعوا قوسين ووضعوا بينهما [أمتي] فاصلة [المؤمنين] أي أن الأحاديث لها روايات مختلفة، فبعضها [لولا أن يَشق] وبعضها [لولا أن أشق] وفي بعضها [على المسلمين] وفي بعضها [على أمتي] وفي بعضها [على المؤمنين] .