تعدد الإحالات ومدى إنطباقها

ثم يذكرون عدداً من الإحالات، فيقولون: (خ تفسير سورة 6 م) وهكذا يذكرون عدداً من الإحالات في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي إلى آخره فهل يا ترى: هذا الحديث الذي أحالوا لفظه إلى هذه المواضع موجود في جميع هذه المواضع؟ قد يكون ذلك -أحياناً- ولكن الالتزام الذي التزموه ووعدوا به، وشرطوا على أنفسهم أن تكون الإحالة الأولى منطبقة، أما بقية الإحالات فلا يلتزمون فيها بالانطباق، وهنا أرجو أن ينتبه المستمع أو القارئ إلى هذه النقطة، لأن كثيراً من الناس يبحث في المعجم، فيتهم هؤلاء بالجهل بالأحاديث، أو ما أشبه ذلك.

والسبب في ذلك هو عدم انتباهه إلى اصطلاحهم، فهم يلتزمون أن يحيلوك الإحالة الأولى إلى نفس اللفظة التي وضعوا الإحالة أمامها، فإذا ذكروا اللفظة أحالوا إلى نفس اللفظة في الموضع الأول، ثم في بقية المواضع لا يلتزمون بذلك، فقد يحيلون إلى نفس اللفظة أو إلى لفظة قريبة منها، بل قد تجد أنهم يحيلون إلى لفظة أخرى ليس لها بها علاقة ألبتة، إلا العلاقة اللفظية.

فمثلاً كلمة (بعث) قد تطلق على (البعث) بمعنى البعث بعد الموت، وقد تطلق على (البعث) بمعنى: إرسال السرايا والبعوث، فقد يدخلون -هم- هذه في تلك -أحياناً- ومثلها كلمة (نوى) قد تطلق على كلمة نوى التمر، وقد تطلق على النوى بمعنى البعد، وقد تطلق على نوى وهي الفعل الماضي من النية، فهم لا يعنيهم هذا الفرق بهذا المعنى بقدر ما يعنيهم اللفظ، ولكنهم يلتزمون أن تكون الإحالة الأولى منطبقة على اللفظ الذي ذكروه.

أما بقية الإحالات فقد تكون بالمعنى، وقد لا تكون حتى ولا بالمعنى، وإنما يلتزمون بلفظة في ذاتها، وهي اللفظة الموجودة داخل المادة، فمثلاً: إذا كانوا في مادة (بعث) وذكروا طرفاً من حديث فيه (البعث) أشاروا في الموضع الأول، إلى نص اللفظ الذي ذكروا طرفه، ثم أشاروا إلى مواضع أخرى قد تجد فيها نفس الحديث، وقد تجد فيها حديثاً آخر قريباً منه، وقد تجد فيها حديثاً ثالثاً، ليس له علاقة به.

هذه إشارة قد تكون طالت بعض الشيء إلى طريقة ترتيب المعجم، وطريقة المواد فيه، وطريقة إحالتهم إلى مواضع الحديث من الكتب، وما يذكرون من هذه الكتب، وما يشترطون على أنفسهم من دقة الإحالات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015