الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
سبق أن تحدثنا عن الطريقة الأولى من طرق التخريج، وهي التخريج عن طريق معرفة صحابي في الحديث، وطرف من لفظه، وتتم بواسطة كتاب تحفة الأشراف في معرفة الأطراف للإمام الحافظ المتقن أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي المتوفى سنة 742هـ، والذي قام بتحقيقه وبذل فيه جهداً مشكوراً الأستاذ الشيخ/ عبد الصمد شرف الدين.
وسنتحدث عن الطريقة الثانية، وهي طريقة التخريج بواسطة كتاب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي وقد اشتغل في هذا المعجم قرابة ثلاثين من المستشرقين، وقضوا فيه أوقاتاً طويلة، وكان يساعدهم في ذلك الشيخ الأستاذ/ محمد فؤاد عبد الباقي رحمة الله تعالى عليه، ويدل على مدى الجهد والوقت الذي بذل في جمع مادة هذا الكتاب وترتيبها، أن طباعته استغرقت قرابة ثلاثة وثلاثين عاماً؛ فقد طبع المجلد الأول منه سنة (1936م) ، وطبع المجلد الأخير سنة (1969م) ، فهذه ثلاثة وثلاثون عاماً، هذا فضلاً عن الجهود التي قاموا بها قبل طباعة المجلد الأول.
وقبل أن أدخل في هذا المعجم وطريقة ترتيبه، والكتب التي فهرسها، وطريقة الاستفادة منه، أحب أن أشير إلى أن هناك من يشكك في دقة هذا المعجم، ويزعم أن هؤلاء المستشرقين قصدوا من وضعه التضليل، فأقول -كما قال المثل-: ما هكذا يا سعد تورد الإبل، فليس صحيحاً أن كل ما يقوم به المستشرقون لا بد أن يبرز فيه الدس والتشويه، فالمستشرقون يعرفون من أين تؤكل الكتف، ويعرفون كيف يدسون ويشوهون الإسلام، والتاريخ الإسلامي، والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن.
وأما هذا الكتاب فليس فيه مجال للدس، لأنه أشبه ما يكون بالعمليات الحسابية الدقيقة، التي يمكن اكتشاف أي خطأ مهما كان بسيطاً فيه.