الألقاب المنسوبة إلى الملة أو الدين

ومن الألقاب المكروهة أيضاً: الألقاب المنسوبة إلى الملة وإلى الدين, كما يقال في كثير من الأحيان فلان علم الدين, وشمس الدين, ونور الدين, وزكي الدين, وعز الدين, أو ينسب إلى الإسلام فيقال مثلاً: حفيظ الإسلام, أو نور الإسلام, أو ما أشبه ذلك, فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته في الألقاب فتوى في الألقاب، وكذلك ابن القيم في تحفة المودود أن أول ما وجدت هذه الألقاب عن طريق دولة بني بُوَيْه؛ لأن العجم لما استولوا على الدولة وتغلبوا عليها نقلوا مثل هذه الألقاب, ففي أول الأمر كانوا ينسبون إلى الدولة، فكانوا يقولون: فلان ركن الدولة, أو عضد الدولة, أو بهاء الدولة, ثم بعد ذلك انتقلوا وصاروا ينسبونه إلى الدين فيقولون ركن الدين، عز الدين, أو بهاء الدين, أو ما أشبه ذلك.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد يكون كثير ممن يلقب بذلك هو بضده, فيسمى ركن الدين وهو هادم الدين, ويسمى عز الدين وهو يسعى في إذلاله, وقد يكون تلقيبه بضد ذلك وعكسه أولى من تلقيبه به, فهذا أيضاًَ من الكذب, وهو مكروه إلا إذا اشتُهِر بذلك, وكان في تغييره ضرر عظيم على الإنسان فقد يتسامح في هذا، كما يفهم من كلام شيخ الإسلام في الفتوى التي أشرت إليها سابقاً, أما إذا كان على سبيل الابتداء والإنسان مخير فإنه لا ينبغي له أن يطلق مثل هذه الألقاب.

ولعل مما يدخل في ذلك أيضا أن كثيراً من العلماء المتقدمين والمتأخرين كانوا يلقبون الشيخ ابن تيمية بشيخ الإسلام، وهذا اللقب -والله تعالى أعلم- أن الشيخ رحمه الله نفسه قد لا يحبه ولا يريده لنفسه، لا شك في هذا, لكنه لقب عرف به واشتهر فأصبح يتسامح فيه لذلك, ولبلاء الشيخ رحمه الله في الإسلام وحمايته وحياطته للسنة وذبه عنها وصبره عليها, حتى أطبق الناس على تلقيبه بذلك, وإن كان هذا اللقب في الأصل غير مستحسن، إنما يتسامح فيه لما سبق، وإن أمكن أن يلقب الشيخ بغير ذلك كأن يقال الإمام العالم المجتهد الفقيه المجدد المصلح يكون هذا أفضل من التلقيب بـ شيخ الإسلام من باب الوفاء للفتوى التي أصدرها الشيخ بكراهية مثل هذه الألقاب, وإذا ثبت أنها مكروهة فإن الأولى تجنبها.

وأشير إلى أن بعض المعاصرين أصبحوا يطلقون على علماء البدعة ألقاب لا تليق بهم, فنحن نجد مثلا في علماء الرافضة من يسمى بحجة الإسلام, وآية الله العظمى, وآية الله, وما أشبه ذلك من الألقاب الفخمة, التي احتجنوها لأنفسهم وتسموا بها وهي منهم براء, وهم براء منها, وحينئذ يصدق عليهم قول القائل: وكم من أسامٍ تزدهيك بحسنها وصاحبها فوق السماء اسمه سَمْجُ وكذلك يقول الإمام الصنعاني في قصيدة يتهجم فيها على الألقاب التي وضعت على من لا يستحقها وذلك في ديوانه يقول: تَسَمَّى بنور الدين وهو ظلامه وذاك بشمس الدين وهو له خسف يعني أسماءً هي في الواقع نقيض حقيقتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015