بسبب حادثة عرضت له

السبب الثالث: الذي قد يلقبون به أنه قد يلقب بلقب معين لحادثة من الحوادث عرضت له, ولعل من أشهر ما وقع في ذلك: القصة التي ذكرتها فيما مضى: قصة ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فإنها لقبت به وهذا لقبٌ يعتبر من جهة، وإن كان يدخل في الكنى من جهة أخرى.

لقب لأنه مدح, سميت ذات النطاقين لأنها في حادثة الهجرة شقت نطاقها وهو الشيء الذي تتحزم به المرأة في وسطها, فاعتجرت بواحد وحزمت القربة بواحد فسميت بـ ذات النطاقين.

وكذلك يشبهه قصة الصحابي: الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم ذا البجادين واسمه عبد الله بن عبد نهم , وقد ذكر العلماء في ترجمته كما ذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة وغيره من طرق عديدة وكثيرة جداً أن عبد الله هذا كان يتيماً نشأ في حجر عمه فكان عمه يحسن إليه إحساناً كثيراً ويجود عليه بالمال, فعلم عمه أن عبد الله هذا قد أسلم, فقطع عنه كل شيء حتى إنه خلع عنه الثوب الذي كان يلبسه, ليضيق عليه لعله يرتد عن دينه, فجاء إلى أمه فأعطته ثوباً فشقه نصفين جعل النصف الأول إزاراً, والنصف الثاني رداءاً له, ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه وكان يكون حاجباً لباب النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا, ً ومن عجيب وطريف ما وقع له ما ذكره ابن مسعود رضي الله عنه، وورد هذا عنه من طرق عديدة أنه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال ابن مسعود: {استيقظت في وسط الليل فوجدت شعلة في المعسكر فقمت فذهبت فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر , وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم في القبر ليدفن عبد الله ذا البجادين -فقد مات في تلك الليلة- قال: فأضجعه النبي صلى الله عليه وسلم في قبره ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إني أمسيت راضياً عنه فارضَ عنه فبكى عبد الله بن مسعود، وقال: يا ليتني كنت صاحب الحفرة, يا ليتني كنت صاحب الحفرة} فهذا ذو البجادين , لحادثة وقعت عارضة، لكنها فيها مدح وثناء له لأنه بذل وجاهد في سبيل الله عز وجل.

ومثله: ذو النورين عثمان رضي الله عنه؛ لأنه تزوج بنتين من بنات المصطفى عليه الصلاة والسلام رقية , وأم كلثوم , فسمي ذو النورين.

ومثله سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما سمي سفينة , لأنهم كانوا يحملون متاعاً فكانوا يحملون شيئاً، أما هو رضي الله عنه فقد حمل شيئا كثيراً, وضع على كتفه هذا شيئاً, وعلى كتفه هذا شيئاً, وفى يده شيئاً, وفى يده الأخرى شيئاً, وحمل أشياء كثيرة, وضم بين يديه شيئاً, فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سفينة لكثرة ما حمل من المتاع يومئذ, وهكذا يعرف في الروايات الكثيرة أنه سفينة.

ومثله في مجال الحديث والمحدثين: غندر، وهو: محمد بن جعفر الهذلي مولاهم فإن غندراً هذا لا يعرف في الروايات كما في الصحيح وغيره إلا بـ غندر، وأحياناً يقولون: حدثنا محمد بن جعفر , وإنما سمي بـ غندر لأنه أكثر من الأسئلة في مجلس ابن جريج كان كل قليل يقوم ويسأل ابن جريج سؤالاً, ثم يسأله, ثم يسأله, حتى ألحفه بالسؤال, فقال له: (يا غندر) فمِن يومِئذٍ أصبح يُعرف بهذا اللقب.

ومثله أيضاً: عند المحدثين: مُطيّن، محمد بن عبد الله الحضرمي: اسم محمد بن عبد الله الحضرمي وإنما سمي مطيناً ً لأنه كان في طفولته يلعب مع الصبيان, فأخذوا طيناً فيه ماء وبدأوا يضعونه على ظهره، يطيِّنون ظهره, فمن يومئذ أصبح يسمى مطيناً , واشتهر عند المحدثين بهذا الاسم.

وتجده في التراجم: مثلاً في تقريب التهذيب, وفي تهذيب التهذيب وفي غيرها من الكتب, يقولون لك: مطيناً هو محمد بن عبد الله الحضرمي، وإذا رجعت إلى الفصل الخاص بالألقاب قالوا لك مطيناً محمد بن عبد الله الحضرمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015