مواصفات الجيل المطلوب

إن الأمة بحاجة إلى جيل جاد، شجاع، مضح، جيل لم ينشأ على الكأس، والسجارة، والأغنية الماجنة، والصورة الخليعة، والركض وراء المتعة، والزينة في تصفيف الشعر، أو تجميل الثياب بالكي والتلوين والتغيير، أو صيانة السيارات أو المقتنيات أو غيرها.

بل الأمة بحاجة إلى جيل يتقن فن الجهاد حقاً وليس يتقن فن التمثيل، نحن في حاجة إلى جيل لا يسترسل أثناء السلم في النعيم، ولا يخلد إلى الراحة، ولا يستسلم أثناء الحرب للأحقاد والغضب، فيصبح همه القتل والتدمير، نحن بحاجة إلى جيل على نمط ذلك الجيل الذي كان يطالب به يوشع بن نون حين أراد أن يقاتل كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم فقال: {غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ اشْتَرَى إبلاً أو غنماً وَهُوَ يُنْتَظِرٌ وِلَادَهَا، ولا رجل ابتنى داراً ولما يرفع سقفها، ولا رجل ملك بضع امرأة ولما يبن بها} أي: لا يتبعني أحد قلبه متعلق بإبل أو غنم، بل يجلس عند إبله وبقره وغنمه، لأنه لا يصلح للجهاد، وكذلك من بنى شقة ولم يتمها، وقلبه متعلق بتجهيزها وتجميلها فيشتغل بالتبليط، ويشتغل بالبناء، ويشتغل بغير ذلك، وكذلك من عقد على امرأة ولما يدخل بها فقلبه متعلق بمقابلة هذه العروس وليس بالجهاد، هذا لا يصلح لنا.

إذاً: لا يتبعنا إلا إنسان قد تفرغ قلبه للجهاد في سبيل الله وأصبح همه كله منصباً في هذه القضية: قضية الجهاد قضية إنقاذ الأمة، فمثل هذا هو الذي يصلح للجهاد.

فلما قال هذا الكلام تأخر عنه مثل هؤلاء الناس، فلما أقبل على عدوه كانت الشمس تريد أن تغرب، فقال لها: {أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا} فأوقف الله حركة الشمس حتى جاء يوشع بن نون فقاتل عدوه، ثم انتصر عليهم، فأخذ الغنائم، ثم وضعها على الصعيد.

إذاً: الجيل الذي يتخلى عن الزوجة الحسناء، ويتخلى عن المال من إبل وبقر وغنم ووظيفة وغيرها، ويتخلى عن الاهتمام بالدنيا سواء كانت عبارة عن بيت أو سيارة أو أي شيء آخر، وليس المقصود أن يترك هذه الأشياء، فكل هذه الأمور مرغوبة ومطلوبة لكن في يده وليست في قلبه.

هذا الجيل يصنع الله عز وجل له الكرامات إذا احتاج الأمر إلى ذلك، تقف لهم الشمس، وحركة الدنيا كلها، فقوانين الحياة كلها تخضع لهم، أليس الله عز وجل عطل خاصية الإحراق في النار لإبراهيم عليه السلام، وعطل خاصية الإغراق في البحر للمؤمنين في مواضع كثيرة، وأوقف الشمس لـ يوشع؟ فكذلك المؤمنون الجادون الصادقون إذا بذلوا كل ما يستطيعون واستفرغوا الوسع في الأسباب المادية ثم احتاجوا بعد ذلك إلى زيادة، فإن الله تعالى يمدهم بنصر من عنده لم يكونوا يحتسبونه، ولذلك يقول محمد إقبال رحمه الله تعالى: خذوا إيمان إبراهيم تنبت لكم في النار جنات النعيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015