وقد أشرت إلى أن الناس في هذا العصر يعانون من ثلاث مشكلات: أولاها: مشكلة الفراغ القاتل بالنسبة لكثير من الناس، حيث يجدون فراغاً في أعمارهم، وأوقاتهم يزجونه في الكلام في أمور لا طائل تحتها ولا جدوى من ورائها.
الثانية: هي قضية غياب التربية؛ حيث قلَّ المربون والموجهون والناصحون، وصار كثيرٌ من الناس يعتمدون على أنفسهم في هذه الأمور، ولا يتلقون التربية الصحيحة التي تحجزهم عما حرم الله وتوجههم نحو الأفضل.
النقطة الثالثة: هي هيمنة أجهزة الزور على عقول الناس وحياتهم، حيث تملي عليهم ما يقولون، وما يفعلون، وما يتصورون، وتؤثر فيهم تأثيراً بليغاً، وهذا لا يعني بالضرورة أبداً أن كل الناس متسرعون، متعجلون، كلا! فإن هذه الأمة لا تخلو من صنف من الناس يلتزمون سبيل المحجة، ويكونون قدوة حسنة لغيرهم، وما زال في هذه الأمة -بحمد الله- كثير من العلماء، وطلبة العلم، بل ومن العامة أيضاً -ممن يكون منهجهم التثبت، فإذا سمعوا قولاً استغربوه ونفرت منه عقولهم، فإنهم لا يتقبلونه حتى يتثبتوا منه: إما بسؤال صاحبه المختص به، أو بسؤال الثقات، فإن لم يستطيعوا هذا ولا ذاك، توقفوا عن هذا الأمر ولم يفيضوا فيه.
وهؤلاء بحمد الله موجودون، فليس الحديث حديثاً عن العامة كلهم، عن جميع الأمة، وإنما هو حديث عن بعض السلبيات التي توجد عند طبقات معينة من الناس.