السبب الأول: الدعاء

وذلك لأن الدعاء فيه معنى الاعتراف بالعجز من قبل العبد، والاعتراف لله بالألوهية والربوبية، وأن الأمر بيده، وأنه كله إليه، فالدعاء يزيل ما في القلب من الاستكبار، ويزيل ما في النفس من العجب والاغترار، لأن حقيقة الدعاء: ذلٌ وانكسار لله تعالى، وفيه روح العبادة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {الدعاء هو العبادة} وذلك لما في الدعاء من التذلل لله تعالى، والتبتل إليه والاعتراف بقدرته وألوهيته، واعتراف العبد بضعفه، وفقره، وذله، وحاجته، ومسكنته، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، كما روى النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من قلبٍ إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه} قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك} فهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث صحيح فقد رواه النسائي في سننه الكبرى وأحمد، وابن ماجة وقال البوصيري إسناده صحيح، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي على ذلك، ورواه البيهقي -أيضاً- ومثله -أيضاً- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: {يا مصرف القلوب صرَّف قلوبنا إلى طاعتك} .

وقد جاء هذا المعنى عن جماعة من الصحابة، كـ أم سلمة، وعائشة، وأنس، وسبرة بن الفاكه، وأبي هريرة، وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله تعالى بالثبات: {ثبت قلوبنا على دينك} وأيضاً من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه النسائي والترمذي وأحمد أنه كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: {اللهم إني أسألك الثبات في الأمر} فإن العبد لا ثبات له إلا بالله تعالى، فيتوسل إلى ما عند الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله -جل وعلا- ليغفر له، أو يعينه، أو يثبته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015