إنه لا يمكن أن توجد دعوة -أي دعوة كانت- إلا وتصاحبها حالات -تقل أو تكثر- لأفراد تبعوا هذه الدعوة في زمان يطول أو يقصر، ثم انحرفوا وابتعدوا، فإما أن يكونوا قد انحرفوا ليتحولوا إلى أعداء للحق، وأعداء لدعوتهم، وأعداء لما كانوا عليه من قبل، ومحاربين.
وإما أن يكونوا قد تركوا ما كانوا عليه، ثم ضاعوا في دهماء الناس، وغرقوا في لجة الحياة الدنيا، فلا يسمع بهم أحد، ولا يخبر عنهم مخبر.
ولهذا لو تأملت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحياة أصحابه رضي الله عنهم، لوجدت أن التاريخ يحدثنا أنه كان من ضمن المهاجرين إلى الحبشة كان هناك رجل اسمه عبيد الله بن جحش قد ارتد وتحول من الإسلام إلى النصرانية وهو غير الصحابي عبد الله بن جحش رضي الله عنه وأرضاه، وكذلك رجل اسمه الرجال بن عنفوة الحنفي فإنه كان قد أظهر الإسلام، ثم ارتد وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: {إن ضرسه في النار أعظم من جبل أحد} وقد تبع الرجال مسيلمة الكذاب وكان من ضمن وزرائه وأعوانه.