فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله عز وجل لا يتعاظم شيئاً أعطاه} رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والطبراني في كتاب الدعاء وسنده صحيح، وقوله عليه السلام: {فليعظم الرغبة} يشمل أموراً: أولها: أن الإنسان يعزم في المسألة فلا يقيدها بالمشيئة كما سبق، فلا يقول: اللهم أسألك إن شئت أن تغفر لي، وإن شئت أن ترحمني.
الأمر الثاني: أن يسأل الله الخير الكثير، ولذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا سألتم الله عز وجل فاسالوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة، ووسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن عز وجل} حتى إن كان العبد ظالماً ومخطئاً وعاصياً ومقصراً ومحتقراً لنفسه، فعليه أن يسأل الله أعظم السؤال، ويدعوه أعظم الدعاء، ويسأل الله الفردوس الأعلى، ويسأل الله من كل خير، ولا بأس أن يقول العبد وهو المقصر الظالم المسرف على نفسه: (اللهم إني أسألك أن تبلغني منازل الصديقين، اللهم إني أسألك أن تبلغني منازل الشهداء، اللهم إني أسألك أن تبلغني منازل الصالحين) إلى غير ذلك من الدعوات، ولذلك كما ينقل عن بعض الصالحين (أنه رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أسألك الجنة، ثم رجع إلى نفسه وقال: أو مثلي يسأل الجنة، اللهم إنني أعوذ بك من النار) فهذا إن صح فليس بصواب، ولا يقتدى به في ذلك، بل على العبد أن يسأل الله الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل، بل وعليه أن يسأل الله عز وجل الفردوس الأعلى من الجنة؛ فإن الله تبارك وتعالى لا يتعاظم شيئاً أعطاه عبده.