يتعلم الإنسان الكلام بالقراءة: قراءة الكتب، وقبل ذلك كله قراءة القرآن الكريم، فإنه من أهم الوسائل والأسباب التي تجعل الإنسان فصيحاً بليغاً، وقد عرفتُ بعض الشباب يُوجد في ألسنتهم تلكؤ؛ فنصحتهم بقراءة القرآن؛ لأن لذلك أثراً كبيراً، فكثرة جريان كتاب الله تعالى على لسان الإنسان، تذَلِله وتجعله يلين بالقول، ويسهل أو يخفُ ما فيه من العيوب، ثم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه من جوامع الكلم، والإنسان إذا أوتي العلم، لم يصعب عليه أن يتكلم بهذا العلم ولو ببعضه.
وكذلك يتدرب الإنسان، فإن الإنسان إذا لم يتدرب على أمر من الأمور فإنه لا يستطيعه، فمثلاً: إذا أراد الإنسان أن يتحدث أمام الناس بأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو موعظة، لا شك ولا ريب أنه سوف يجد هيبة أول الأمر من ذلك، حتى يعتاد.
وأذكر أنني أول مرة قمت أمام الناس لأتحدث، كنتُ أتكلم من ورقة مكتوبة، وكنتُ أحس بإرتباك وخوف، حتى أنني تمنيتُ أن لم أكن ألزمتُ نفسي بهذا الأمر، لكنني ما إن وقفت، وقرأتُ أول الكلام، حتى بدأت أهدأ شيئاً فشيئاً، ثم أصبحتُ طبيعياً، وتمنيتُ أن الكلمة أو النصيحة تطول أكثر مما هي، فالإنسان أمامه حاجز وهمي من الخوف للوقوف أمام الناس، لا يزول إلا بأن يُقْدِم الإنسانُ، ويكسر هذا الحاجز، ولعلكم تلاحظون أحياناً أن المعلم يكون في الفصل يدرس الطلاب، وربما يدرسهم في الجامعة، وهم من أرقى المستويات، فيدخل عليهم بصفة طبيعية، ويتكلم كما لو كان ليس عنده أحد، لكن لو وقف أمام خمسة أو ستة من العامة، في مسجد ليتكلم ارتبك وأصابه ما قرب وما بعد!! لأنه لم يتعود على هذا الأمر، إذاً لا بد من الاعتياد، {فالخير عادة، والشر لجاجة} كما جاء في الحديث، فيعود الإنسان نفسه على الكلام الحسن، وكلما أمكن على الإنسان أن يعود نفسه على أن يكون كلامه فصلاً، بحيث لا يسترسل في الكلام بسرعة، خاصة في البداية، لئلا يقع في خطأ، لأن بعض المتدربين يخطئ أول مرة، فبعد ذلك يصبح عنده خوفٌ شديد، ولا يكرر المحاولة مرة أخرى، فحاول أول مرة أن تتكلم بكلام هادئ، وتجعل بين الكلمة والأخرى فاصلاً، وإن أعرض الناس عنك أو قاموا أو ما أشبه ذلك، لا تبالي بذلك؛ لأن المهم أن تتدرب.