نعمة اللسان والبيان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

إخواني الكرام: موضوعنا إن شاء الله حول الصمت والمنطق.

لقد امتن الله عز وجل على الإنسان بنعمة اللسان والبيان، كما قال الله عز وجل: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} [البلد:8-9] .

وهذه اللسان من أبرز وأعظم مميزات الإنسان، فإننا نجد أن العرب يسمون الحيوانات عجماء، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: {العجماء جبار} وفي لفظ {العجماء جرحها جُبار} وذلك لأن العجماء لا تنطق ولا تتكلم، ولا تبين عن نفسها، فلا يدرى ماذا تتألم، وماذا تريد، وماذا تحتاج، ولا يعلم عنها شيئاً؛ لأنها لا تنطق ولا تعرب عن نفسها، أما الإنسان فميزه الله عز وجل بقوله: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} [البلد:8-9] .

هذه نعمة، وكذلك يقول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:1-4] .

فامتن الله على الإنسان بالبيان -أي أنه يَبِينُ عما في نفسه- ولاحظ أن الله عز وجل قال في الآية: (خَلَقَ الْأِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:3-4] وهذا فيه إيماءٌ وإشعار وإشارة إلى أن البيان من خصائص الإنسانية، أي أن من خصائص الإنسان أنه يبين عن نفسه، فبماذا يتميز الإنسان عن الحيوان؟ يتميز بأمور: منها العقل، والفؤاد، ومنها اللسان الذي يعرب عما في قلبه، ولذلك يقول الشاعر: لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده فلم تبقَ إلا صورة اللحم والدم وكم ترى من صامت لك معجبٍ زيادته أو نقصه في التكلمِ فقوله: (لسان الفتى نصف ونصف فؤاده) أي أن لسانك يعتبر نصفك؛ لأنه يعبر عما في نفسك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015