من الأمور التي ينبغي ملاحظتها: موضوع الكفاءة واعتبارها وعدم اعتبارها.
وهذه -أيضاً- يقع فيها الناس طرفين ووسطاً، فكون الفتى أو الفتاة من عائلة معروفة أو من أسرة معروفة أو من قبيلة معروفة أو ليست كذلك؛ هذه من الأمور التي يضطرب فيها الناس، فبعض الناس يقيمون وزناً كبيراً لهذا، حتى ربما عدوه من الدين، ويهتمون به اهتماماً كبيراً حتى رأيت من الناس الذين لا يظن بهم ذلك، ويتوقع أن يكونوا أكبر من هذه الأمور يقيمون لها وزناً كبيراً، ويعتبرون قضية النسب والوجاهة والكفاءة في الزواج وفي غيره، وفي مقابل ذلك تجد أناساً يضربون بها عرض الحائط، ويحطمون بعض الأعراف الموجودة في المجتمع.
وفي الواقع لست أعتقد أن من الدين مراعاة الكفاءة أي: كون هذا قبيلياً وهذا ليس بقبيلي، وهذا من أسرة معروفة وهذا من أسرة غير معروفة، لست أرى أن في النصوص الشرعية ما يؤيد اعتبار ذلك؛ لكنني أرى أن الإنسان العاقل ينبغي له ألا يتصرف تصرفاً قد يضر به في المستقبل.
فمثلاً في المجتمعات التي توجد فيها هذه النعرة لو تزوج إنسان من فتاة لا تناسبه؛ ربما يكون سبباً في مشكلة كبيرة داخل الأسرة، وقطيعة أرحام، ومشاكل طويلة عريضة، بل أحياناً يؤول الأمر إلى طلاق قسري، فيضغط الأقارب على الفتى الذي تزوج من فتاة من غير قبيلته، أو الفتاة حتى يضطر أحد الطرفين التخلي عن الآخر والطلاق، فيكون الزواج حينئذٍ أحدث مشكلات، ولم يصل إلى الغرض المقصود، فلا مانع أن يجد إنسان فتاة تناسبه وهي من نفس الطبقة التي ينتسب إليها إن صح التعبير؛ مع أنني لست ممن يقيمون لهذه الأشياء وزناً، وأنا ممن يرى ضرورة وضع هذه الأشياء في التراب، لأن الإسلام كانت كلمته حاسمة في هذا الأمر قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، عربي أو عجمي، أبيض أو أسود، غني أو فقير، أمير أو مأمور، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، فهذه الأشياء لا ينبغي أن ننتبه لها أو نلتفت إليها، وأقول كما قال الأول: خلوا خيوط العنكبوت لمن هم كالذباب تطايروا عميا فهذه خيوط العنكبوت لا يتعلق بها أولو العقول والنهى.