تأمين المستقبل

ومن الشباب من يؤخر الزواج بحجة أنه يريد أن يؤمن المستقبل -كما يقولون- وهنا يضع الشيطان أمام الشاب عقبات وهمية كلما انقضت عقبة برزت أمامه عقبة أخرى، ففي البداية يقول الشاب: أريد أن أتخرج من الجامعة، وبعد التخرج يقول: أريد أن أتوظف حتى يكون لي راتب أنفق منه، وبعدما يتوظف يقول: أريد أن أبني بيتاً فأين أضع زوجتي؟! وبعد بناء البيت ربما يفكر في عمل آخر، وهكذا، فمسألة ما يسمونه بتأمين المستقبل تمنع بعض الشباب من الزواج.

ولا أدري إن كان هذا هو تفكيرنا، وكانت هذه نظريتنا! فأين التوكل على الله جل وعلا؟ وأين إيماننا بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات:58] أين إيماننا بأن الله هو الرزاق؟ أنا لا أدعو إلى ترك الأسباب، فترك الأسباب تواكل لا توكل، لكنني -أيضاً- لا أرى أنه يجوز لمسلم أن يعتمد على الأسباب وينسى الخالق الوهاب مسبب الأسباب، بل يجب بذل السبب والتوكل على الله تعالى، ومع بذل السبب لابد أن يبقي الإنسان موضعاً للتوكل عليه جل وعلا، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32] ولذلك من أسباب الكسب الزواج كما وعد الله تعالى، وعد الفقير إذا تزوج بالغنى فقال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32] وهذا أمر ملحوظ ومعروف أيضاً، لأن الشاب إذا كان غير متزوج لا يشعر بالمسئولية، وكم رأينا من الشباب من تأتيه الأموال فيبذرها هنا وهناك؛ لأنه لم يحس بالمسئولية، ومهما تحدث معه الناس وذكروه ونصحه والده وأصدقاؤه أنه لابد أن تجمع بعض المال، مع ذلك كله يبقى الشاب لا يحس بثقل المسئولية مثلما يحس بها إذا شعر بأن هناك امرأة في ذمته، تطلب منه أن يشتري لها الطعام والغذاء والكساء وما أشبه ذلك، فهنا يشعر بالمسئولية ويكون أكثر حرصاً على توفير المال وعلى البحث عن الرزق الحلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015