تأكيدهم على ضرورة الاهتمام بالنشء

أخيراً: فإن هذه الأحداث تؤكد أن المجتمع الإسلامي في كل بلد بحاجة إلى أن يراجع مقرراته، وأن يراجع الوسائل التي يقوم من خلالها بتربية أفراده.

إن تربية النشء -أيها الإخوة- في خطر، وربما يجهل الكثيرون ما هي الأفكار التي تدور في رءوس أولادهم وبناتهم، وما هي المشاعر التي تدور في قلوبهم، وأي نمط من الحياة يتمنون أن يصيروا إليه، وربما نستطيع أن نقول بدون مبالغة: إن تأثير ممثل أو مغنية أو راقصة على أولادنا وبناتنا أبلغ بكثير من تأثير الأب ومن تأثير الأم، فربما لا ترى البنت أباها إلا على مائدة الطعام، لكنها تقضي وقتاً طويلاً يقدر بالساعات يومياً وقد سمرت عينيها أمام هذه الشاشة لمشاهدة مغنٍ أو مغنية، أو ممثل أو ممثلة.

وهذه الشاشة الجذابة الملونة، التي استخدمت فيها وسائل عصرية للإثارة والتشويق والإغراء تؤثر تأثيرا بليغاً في شخصية المشاهد أو المشاهدة؛ لذلك فلا عجب أن نجد هذه النماذج الممسوخة، ولا عجب أن نسمع عن أخبار الانحرافات التي أصبحت تفوح في كل مكان، ولا عجب أن نشاهد هذه الظواهر الشاذة الوافدة على المجتمع.

إننا بحاجة أن نراجع أنفسنا ونتساءل: ما هي الوسائل الحقيقية التي تربي المجتمع؟ وما هو الدور الذي يقوم به البيت في تربية النشء؟ وما هو الدور الذي يمارسه الأب تجاه أولاده وبناته؟ ثم أي دور يقوم به الأب أو الأم في الرقابة على الأولاد والبنات أيضاً؟ إن هذه الأشياء تؤكد علينا أن من واجب الأب أن يحرص على حماية أبنائه وبناته، ومن واجب المجتمع أن يحرص على حماية نشئه من أن يصيروا إلى هذا الموضع وإلى هذا المكان وإلى هذا الوسط المتعفن الذي أصبحت روائحه تفوح في كل مكان، وأصبح ضحاياه يقولون ما تسمعون! إن كثيراً من الضحايا يقولون: إننا نشعر بأننا نساق سوقاً إلى هذا المجال، ونجر إليه جراً، نشعر بأنه ليس هو المجال الذي كنا نتمناه.

فقليل من هؤلاء من كان يتمنى أن يصبح فناناً أو ممثلاً، أو فنانةً أو ممثلةً، لكن بعضهم وجدوا أنفسهم هكذا دون سابق إنذار، وإنني أعرف من يقولون: إننا فعلاً نحس بأننا في موقع لا يخدم رغباتنا الشخصية، ولا يريحنا، ولكننا نحس بأننا متورطون، وأن خروجنا من هذا الوسط ليس بالأمر الهين.

أنتم تقولون: إن باب التوبة مفتوح وهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان -وهذا كلامهم- الذي تورط بشبكة من العلاقات، والاتصالات، والأعمال، وتاريخ قديم، ومشاعر والخ ليس من السهل أن ينتزع نفسه من هذه الأشياء كلها بين يوم وليلة، إلا أن يمن الله تبارك وتعالى عليه بذلك.

إذاً من واجبنا حماية أولادنا وبناتنا من هذا الموقع السيئ، الذي قد يقع أحدهم ضحيته ثم يريد أن يخرج فلا يستطيع، وكما يقال: الوقاية خير من العلاج، وكما أنك تحاول حماية أولادك من كافة الأمراض، فهذا من أخطر الأمراض والأوبئة التي قد تجرهم إلى الضرر والفساد في الدنيا والآخرة، ولا يفوتني أن أنبه في النهاية إلى أن هذه الوقفات، وهذه النماذج الصغيرة القصيرة تلفت نظرنا جميعاً -نحن معاشر المسلمين- خاصة طلاب العلم، والمسئولين عن المؤسسات الإسلامية، ومن يملكون شيئاً من الأمر إلى أن من الضروري أن ندرس جيداً ما هو الدور الذي يجب أن نقوم به تجاه هؤلاء التائبين إننا نسمع أحياناً أن فلاناً تاب، ولكننا سرعان ما نفاجأ بأن الأمر قد اختلف، وأن الرجل قد انتكس وعاد إلى ما كان عليه، وقد ذكرت الصحف -مثلاً- أن هناك ممثلاً مصرياً نشرت عنه، وقالت: إنه تاب، وأقلع واعتزل الفن، وبعد خمس سنوات نشرت جريدة أخبار اليوم: أن فلاناً قد عاد إلى الساحة الفنية التي اعتزلها خمس سنوات بسبب الظروف الصحية التي تعرض لها، وأنه سوف يقوم بتصوير عدد من الأعمال الفنية إلى آخر الخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015