تصرفات العرب مع المسلمين في البوسنة

إن إخواننا المسلمين هناك يواجهون حرب إبادة, فعدد الذين قتلوا يزيد على خمسة وعشرين ألفاً, وعدد الذين هجروا من بلادهم حسب آخر التقارير أنه نحو (300) ألف مسلم, أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله, إن هناك مؤامرة لإقامة ما يسمى بدولة صربيا الكبرى, وهم يعتقدون أن وجود المسلمين في البوسنة والهرسك خطر عليهم:- أولاً: لأنهم يعتبرون أن كثيراً من هؤلاء يرجعون إلى أصول تركية.

ثانياً: لأنهم يعلمون أن هؤلاء -وهذا هو الأهم- مسلمون, فهم يعتبرونهم خونة للوطن وللدين.

فقد كانوا يوماً من الأيام نصارى، ثم فتح الله عليهم في أزمنة الدولة العثمانية وهداهم إلى الإسلام, فآمنوا وأسلموا وكانوا جزءاً من الدولة العثمانية, فيعتبر النصارى أن هؤلاء قد خانوهم وخرجوا من دينهم, وأيضاً وجد من بينهم بعض المهاجرين من تركيا فاعتبروا أنهم يحتوون في ضمنهم على عرق أو دم آخر؛ ولذلك هناك حرب إبادة ضارية وضروس, والآن تدور رحاها في عاصمة البوسنة سراييفو التي يوجد فيها قتل في الشوارع والبيوت وذبح، حتى إنه بالأمس قاموا باعتقال رئيس الدولة -نفسه- من شدة ما وصلوا إليه في إيذاء المسلمين واضطهادهم ومضايقتهم.

فهناك ذبح للمسلمين، وأخطر ما في الأمر لو اتفق الصرب مع الكروات على ضرب المسلمين, فإن هناك -الآن- حرباً بين الصرب والكروات -أيضاً- وهذه الحرب يستفيد منها المسلمون فتصل إليهم الأسلحة عن طريق الكروات، ولم يتفقوا عليهم، لكن هناك جهوداً لمحاولة الإصلاح بين الصرب والكروات, وكلهم نصارى, ولو تصالحوا لاتفقت أسلحتهم على ضرب المسلمين، واعتبروا أشبه ما يكونون بفكي الرحى التي تحاول أن تطحن فيها القومية الإسلامية في البوسنة والهرسك.

صدقني -أيها المسلم- أنه في ثاني أيام العيد قام الصرب بحملة ضروس شرسة على المسلمين، وقتلوا منهم مئات, وأراقوا دماءهم, وكانوا يقتلون الآباء أمام أعين أطفالهم, وربما قتلوا النساء, وقتلوا الأطفال دون رحمة ولا هوادة, وهدموا البيوت على من فيها, وحولوا عيد المسلمين -عيد الفطر- إلى مأتم ومناحة ومجزرة بقوة الحديد والنار التي يملكون.

والآن: إخواننا المسلمون هناك يقولون: نحن لا نطالبكم بأن تدخلوا معنا في المقاومة لهؤلاء, فنحن نعلم أنكم لن تفعلوا هذا؛ بل ولا نطالبكم بتوفير السلاح لنا فقد جربناكم؛ فوجدنا أنكم لا تغضبون لنا غضب المسلم لأخيه المسلم, ووجدنا أن العدو أفلح في تعميق الفواصل بيننا وبينكم؛ فأصبح المسلم يقول: ماذا يعنيني من أمر البوسنة والهرسك؟!! إنما نطالبكم بالإغاثات الإنسانية من لقمة العيش التي تسد جوعنا، والثوب الذي يستر عرينا، والحليب الذي يغذي أطفالنا، ونطالبكم بالدعم المعنوي لمحاولة وقف هذه الحرب، والتدخل لدى المنظمات المختلفة في إيقافها!! هذا ما يطالبون به الآن, وهناك جهود وأصوات كثيرة تنادي لمثل ذلك, ولكن أخشى أن يكون الأمر بالنسبة للمسلمين كما قيل: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمادِ والحقيقة أن التقارير التي تصل من تلك البلاد تقارير مؤلمة جداً, وأخطر من التقارير الصور التي يعرضها الإعلام, فإن الإعلام العالمي كله يعرض صوراً في منتهى الغرابة، تجد الرجل الصربي يضع قدمه على خد المسلم ثم يذبحه ذبحاً!! والعالم كله يتفرج!! ومن أغرب ما يفعله الصرب -الآن- أنهم حاولوا أن يدمروا مبنى التلفزيون هناك, لماذا؟! لأنه هو الذي ينقل الصور التي أفزعت العالم كله, ففي محاولة للحيلولة بين العالم وبين ما يجري في البوسنة والهرسك؛ يحاولون القضاء على أي وسيلة إعلامية يمكن أن تنقل الصورة نقلاً مؤثراً.

فيا معشر المسلمين!! إيانا أن نكون كما قيل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

إن الجسم الإسلامي -الآن- يقتطع من أطرافه, والذي حل بالمسلم في يوغسلافيا يمكن أن يحل به في أي بلد, فينبغي أن ننصر إخواننا, استنصرونا في الدين فعلينا النصر, ولا يجوز لمسلم يشعر برابطة الإخوة والإيمان بينه وبينهم إلا أن يغيثهم وينصرهم, فهذا مقتضى الولاء للدين ومقتضى الأخوة في الله عز وجل, يقول ربنا تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:71] وقال: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:72] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على المسلم: {وإذا استنصرك فانصره} فهم استنصرونا الآن ويريدون منا الإغاثة الإنسانية, ويريدون منا أن نبلغ حاجاتهم إلى آذان إخوانهم المسلمين في كل مكان, ولا يجوز أن يكون حظنا -فقط- هو التوجع لهم والندم على ما أصابهم، كلا؛ بل ينبغي أن يكون هناك مشاركة فعليه, وأقل قدر للمشاركة هو أن نبذل المال لهؤلاء الإخوة الذين يقتلون, قال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:8] والله الذي لا إله إلا هو لو كان البوسنة والهرسك بروتستانت أو كاثوليك أو يهوداً لثار العالم كله من أجلهم, ولكن لأنهم مسلمون لا بواكي لهم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015