المعلم الداعية هو قدوة في أخلاقه ومظهره وسمعته, في داخل المدرسة وبين الطلاب, وبين المدرسين, بل وفي المجتمع كله, كم هو ممزق لشخصية الطالب أو الطالبة, أن يكون المدرس أو المدرسة يبين له حرمة شيء ثم يفعله, فمثلاً: يقول: التدخين حرام, ثم يعلم الطالب أن المدرس يدخن!! وقد حدثني أحد المدرسين أن طالباً في المرحلة الثانية الابتدائية, جاء إلى بيته يوماً وهو يبكي, فقالت له أمه: لماذا تبكي؟! قال: لأن المدرس ضربني, فاتصلت أمه -من الغد- وسألت المدرس, لماذا ضربته؟! قال: لأنه يلعب, وقد ركب فوق الماسة, وبدأ يتكلم ويتحرك, ورفض أن ينصاع للأوامر, فسكتت الأم, فلما جاء ابنها من المدرسة, قالت له: إن المدرس قال فيك: كذا وكذا , قال لها الطالب -وعمره ربما سبع سنوات والقصة واقعة وأعرف حتى اسم هذا الطالب- قال لأمه: نعم، أنا فعلت ذلك؛ لأن هذا المدرس غير ملتزم, وهو يدخن وقد أمرته مرات ومرات فلم يطعني, فأحببت أن أسيء الأدب عنده, حتى أعتبر هذا نوعاً من الامتعاض والتعبير عن السخط على عمله في كونه يدخن وهو مدرس قدوة للأجيال.
فأرادت الأم أن تتثبت, واتصلت بالمدرس وقال لها: نعم، والله ما قاله ولدك صحيح, وأنا أخبركِ أن الله قد كتب توبتي على يديك, وعلى يد ولدك هذا الطفل الصغير.
وكم هو مؤذٍ -أيضاً- أن يتكلم المدرس عن وجوب صلاة الجماعة, ثم يتسامع الطلاب ويتهامسون أنه لا يصلي مع الجماعة!! وكم هو مؤسف أن تتحدث المعلمة -مثلاً- عن الالتزام بالزي الإسلامي وعن الحجاب, ثم تراها الطالبات وهي على أبواب المدرسة, وقد لبست ثوباً ضيقاً, أو ثوباً مشقوق الجوانب, أو لبست ألوان الزينة, أو أن تقول المدرسة للطالبات: لا تأْتُنَّ بالذهب إلى المدرسة, ولا تأْتُنَّ بالأشياء الثمينة, ثم تكون هي قد لبست من ذلك الشيء الكثير.
إن الجانب الأخلاقي مهم جداً أمام الطلاب، فلا يجوز للمدرس أن يسخر بالطالب مثلاً، أو يحطمه, أو يحتقره, أو يوبخه, أو يسبه, أو يشتمه أمام زملائه, بل إنّ من هذه الأشياء ما هو حرام بكل حال, سواء أكان أمام زملائه أم على انفراد.