فإن الكثير من المدرسين يدخل المدير في أي مشكلة بينه وبين طالب, وهذا في الواقع ليس جيداً, بل ينبغي أن يحرص المدرس على حل المشكلات بصورة فردية وذاتية, وألاَّ يكون همه إثبات شخصيته أمام الطلاب, أو إهانة الطالب الذي أساء إليه, بل يكون المدرس ذا قلب كبير, لا يعمل بمبدأ المعاملة بالمثل, لا, ولا بمبدأ الانتصار للنفس من فلان وفلان, بل يفكر للمستقبل البعيد, ستلقى هذا الطالب يوماً من الأيام, وهو ضابط في الأمن, أو تلقاه وهو مسئول بالإدارة الحكومية, أو تلقاه وهو تاجر في الشركة الفلانية, فسيذكرك حينئذٍ ويشكرك على صبرك عليه, وتحملك لأخطائه, وحسن معاملتك له, وأنك كنت تحرص على حل مشكلاته بنفسك, وبطريقتك الخاصة, حتى تجاوز هذه المرحلة ونجح فيها, وكان لك بعد الله تعالى فضل كبير في ذلك, وأقل ما تظفر منه دعوة صالحة في ظهر الغيب, ربما نفعك الله بها أو رفعك, وإذا كان هذا في الدنيا, فما بالك في الآخرة؟ أن يأتي يوم القيامة أناس كنت سبباً في هدايتهم, أو في خروجهم من مشكلات, فإن الإحسان إلى الناس من أعظم القربات إلى الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195] وقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128] .
فالإحسان إلى الخلق من أعظم العبادات, وأجل القربات, فأحسن إلى الطلاب, بتحمل أخطائهم عليك وعلى غيرك, وحسن معاملتهم ومساعدتهم في الخروج من مشكلاتهم, لماذا تجد الكثير من الطلاب أو بعضهم يبغضون هذا المعلم أو ذاك؟! هناك بلا شك حالات ليس فيها حل؛ لأن هناك طالباً -مثلاً- معروفاً بالمشاغبة, وسوء الخلق, وقد آذى الجميع, ولا يمكن الحصول على هذا الطالب, وعلى ثقته, وعلى مودته إلا بالتفريط, والإهمال, والتجاوز الذي لا يحتمل ولا يطاق, فدعك من هذا, فهذه حالة شاذة, ولا ننظر فيها ولا نتكلم عنها.