لا تكن امبراطورياً

لا تجعل من نفسك في الفصل امبراطوراً جباراً, إذا ظهرت تجمد الآخرون على حالهم, فلا يتكلمون ولا يتهامسون, ولا يتحركون قط, بل كن المحبب في قوله, والقريب إلى نفوسهم, السهل الممتنع, ذا أخلاق هادئة هينة رضية, وذا لطفٍ في المعاشرة, وحسنٍ في المعاملة, وصبرٍ على الطلاب, وعدم رفع للأصوات, ومع ذلك فهو محافظ على شخصيته, مَهيبٌ بين الطلاب, جادٌ في موضع الجد, هازل في موضع الهزل, فللجد موضعه, وللدعابة موضعها, وكما قيل: وللجد مني موضع لا أضيعه وللهزل مني والدعابة موضع إنّ الطلاب كثيراً ما يدرسون شخصية المعلم, ثم يتعاملون معها بدقة, فأحياناً يكتشفون أن هذا المعلم معلم متساهل, فربما امتهنوه, وامتهنوا شخصيته, وربما أدركوا أنه معلم جاد كل الجدية, صارم فسكتوا عنده.

ولكن ذلك السكوت الذي لا يصدر عن محبة, ولا يصدر عن تأثر, ولا يصدر عن إنصات للدرس, والوسط بين ذلك أن يكون المدرس بينه وبين الطلاب, كما قيل: "شعرة معاوية " إن أرخوها شدَّها, وإن شدوها أرخاها, بحيث يحافظ على الاتصال بهم, ويحافظ على هيبته, ومع ذلك يكون سمحاً رضياً, لا يعتبر أن مقياس النجاح في التدريس هو الهيبة, وأن الطلاب لا يعبثون عنده ولا يلعبون, ولا يتحركون ولا يتهامسون, هذا يستطيع أن يفعله الكثيرون بالقوة, لا بالاحترام والمحبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015