أولاً: لا بد -كما أشرت إلى شيء من ذلك- أن نحس بمشكلات الأمة إحساساً حقيقياً، كما نحس بمشكلاتنا الخاصة، أنا أريد أن أعرض عليك يا أخي الحبيب مثالاً: لو أن رجلاً سبَّك، وقال فيك: فلان الذي فيه كذا وكذا، وأعطاك من ألفاظ السب، والشتم ما لم تسمع من قبل، ماذا كنت تصنع؟ الغالب أن الواحد منا يغضب، وينفعل لذلك ويتأثر، ويقوم بكل وسائل الإنكار على الذي سبه، وإن استطاع أن يدفع السب بيده فعل، فصفع هذا الإنسان أو ضربه، وإن لم يستطع سبه بصفة مقابلة، وشتمه كما شتمه، وإن لم يستطع فإنه يرفع به إلى الجهات المختصة، لطلب أخذ الحق منه0 فما بالك لو أن إنساناً جاء، وسب القبيلة التي تنتسب إليها، سواء أكان ذلك مشافهة أم ألف كتاباً يقول فيه قبيلة كذا فيها كذا وكذا، ما الذي كان سيحدث؟! كنا جميعاً نثور لهذا الأمر الذي حصل، كل أفراد القبيلة يقومون، وتتنوع وسائل الإنكار، بمكاتبة المسئولين، والإنكار على من أذن بطبع الكتاب، ومصادرة هذا الكتاب وحرقه، ومحاصرة المكتبات التي قامت ببيعه أو توزيعه، والضغط على المؤلف، والاتصال الهاتفي، وزيارته، وتوبيخه، حتى يضطر إلى أن يعلن اعتذاره، ويسحب ما قال ويعلن أنه أخطأ، أو يقول: هذا خطأ مطبعي، فالمهم أن الرجل -فعلاً- شعر بأنه يجب ألا يقول مثل هذا الكلام مرة أخرى.
فمثلما تغضب لنفسك، أو لبلدك، أو لقبيلتك نريد منك أن تغضب لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولإخوانك المسلمين فتكون قضايا المسلمين حية في قلبك، كما أن القضايا التي تخصك أيضاً حية في قلبك، أرأيت لو أن رجلاً تعرض لموضوع الترقية لما كنت ستترقى من رتبة إلى أخرى، فتعرض لها إنسان، وعرقل هذا المشروع، فإن أقل ما كنت تفعل أن تتكلم به في المجلس، فلان هذا الحسود والحقود والذي فيه وفيه، لقد تعرض لي وهو لا يضره الأمر بشيء، لكنه حقد علي، وتبدأ تتكلم عنه في كل مجلس.
ولو أن إنساناً أخذ أرضاً منك بغير حق وهي لك؟ فأقل ما كنت تصنع أنك تشكوه، فإذا عجزت عن استخلاص حقك منه، كنت تقول لأهل بيتك: الليلة أيقظوني قبل صلاه الفجر بساعة، قالوا يا فلان: ما هو السبب؟! ليست من عادتك -الله المستعان- أنك تقوم الليل، لعلك تقوم بالفرائض! تقول: نعم، لكن هناك فلان ظلمني، أنا الليلة سأخصص القيام للدعاء على فلان، لأن دعاء المظلوم مستجاب.
يا أخي: نحن نريد منك أن تهتم بقضايا الإسلام، مثلما تهتم بهذه القضايا، سواء بسواء، تتكلم في قضايا الأمة، مثلما تتكلم في قضاياك الشخصية في المجالس، وتوعي الناس مثلما توعيهم في موضوعك الخاص، وتدعو ربك، ولا مانع أن تقوم في إحدى الليالي خصيصاً لموضوع دعوة الله، تدعو الله عز وجل لأمر الإسلام والمسلمين، وتدعوه لتفريج كربات الإسلام والمسلمين.
إذاً القضية الأولى: أنه يجب علينا أن نهتم، ونكترث لقضايا الإسلام، وقضايا المسلمين في كل مكان، على الأقل كما نهتم ونكترث بقضايانا الشخصية وأمورنا الذاتية، فهذا أقل ما يجب0