الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

أمر آخر: هو قضية الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر، وهو من أهم الواجبات التي يدفع الله بها العذاب عنا، وينصرنا بها، وحين أقول المعروف، أعني: كل المعروف وليس بعضه، وحين أقول المنكر أعني: كل المنكر وليس بعضه، فلابد أن نأمر بالمعروف كله، ولابد أن ننهى عن المنكر كله، ولا يمكن أن نكون كما قال الله عز وجل: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة:85] وكما قال عز وجل: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر:91] فلابد أن نأمر بالمعروف كله، ولا بد أن ننهى عن المنكر كله، وترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، على كافة المستويات، في البيت والشارع والمدرسة والبلد والمؤسسة والمدينة والدولة والمسجد فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه القنوات وغيرها هو سبب الهلاك، وهو سبب اللعن، وهو سبب الاختلاف، يقول الله عز وجل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:78-79] .

فما بالك أيها الأخ الكريم بأمة ملعونة، تدخل المعركة وهي ملعونة، هل تنصر؟! هيهات!! أبداً، إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما سمع امرأة تلعن بعيراً لها أو ناقة، قال لها: {لا تصحبنا ناقة ملعونة} فتركوها فيقول الراوي: رأيتها تسير وحدها بعيداً عن الركب.

فإذاً الأمة ينبغي أن تخرج من غضب الله ولعنته، بأن تَصْدُق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا تكون عرضة للتشتت والتفرق والاختلاف، فإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سبب لتسليط الكافرين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن زينب بنت جحش: {أنه صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه فزعاً يقول: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه} فقالت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون، قال صلى الله عليه وسلم: {نعم، إذا كثر الخبث} تهلكون إذا كثر الخبث أي: ولم يوجد من يأمر بالمعروف، ولا من ينهى عن المنكر، إنه فتح اليوم -في ذلك اليوم الذي قال فيه الحديث- من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه، فما بالك بيومنا هذا، فقد فتح من ردم يأجوج ومأجوج بوابات واسعة عريضة!! ويجب علينا أن نتدارك هذا الأمر بتوبة صادقة إلى الله تعالى من ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن يكون كل امرئ منا قيّماً على أمور المسلمين، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يأمر نفسه وغيره بالمعروف، وينهى نفسه وغيره عن المنكر، وهذا واجبنا جميعاً، ألا ندع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة أو مهمة فئة معينة من الناس.

فإنها يمكن أن تمل وتتوقف، ويمكن أن تؤذى، ويمكن أن يضيق عليها، ويمكن أن يقول الناس فيها ما يقولون، لا! فنجعل هذه القضية مهمتنا جميعاً.

ولعل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضح رءوس الضلالة والكفر، والنفاق، الذين فضحهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله -تعالى- في كتابه سمى لنا أسماء الكفار، والكفر، مثل فرعون وقارون وهامان وأبي لهب، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم سمى لنا بعض الكافرين وبعض المنافقين، وفضحهم إلى يوم الدين.

فهكذا نقول: إن من واجب الأمة، أن تعرف أعداءها الحقيقيين مهما كانوا، ومهما تزينوا وتسموا بأسماء إسلامية، وخدعوا الناس بألفاظهم، وبهرجهم وقيلهم وقالهم، واستدلالاتهم بالنصوص القرآنية والنبوية، فإن كثيراً من هؤلاء الناس، شأنهم كما قيل: له ألف وجه بعدما ضاع وجهه فلم تدر فيها أي وجه تصدق فهو اليوم علماني كبير، وهو غداً فقيه متدين، وعالم جليل، ولا تدري أي وجه تصدق من هذه الوجوه، فيلبس لكل حادثة لبوسها!! أيها الإخوة: كثيراً ما يحتج بعض الناس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وما بال أقوام يفعلون كذا وكذا} وسنة سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم على رءوسنا، ومعاذ الله أن نحيد عنها قيد أنملة، وإن حدنا فإنا ظالمون، ولكن هل سمعتم أحداً يقول في هذا الوقت مثلاً: ما بال أقوام يجتاحون الكويت؟! هل سمعتم هذه اللهجة؟! ما سمعنا أحداً يقول هذا، بل إن هؤلاء لابد من تعريتهم وفضحهم وكشفهم، لأنهم طغاة يتحدث بهم العالم، من أقصاه إلى أدناه، ومن الطبيعي أن يسمع الناس كلهم بأسماء هؤلاء وحقائقهم وتاريخهم، وأن يفضحوا على رءوس الأشهاد، فنقول: فلان بن فلان، نقول: حاكم العراق، أو نسمي باسمه، ونقول: إنه فعل وفعل وفعل، ولا نكتفي بأن نقول ما بال أقوام يجتاحون الكويت.

كما أن هذا الكلام صحيح، وكلنا نصدق عليه، مثله تماماً يجب أن نقول فلان يقول عن الإسلام كذا وكذا، وفلان يقول على المسلمين كذا وكذا، وفلان يقول في الكتاب الفلاني كذا وكذا، بشرط أن نكون متوثقين، ومتأكدين من صدق ودقة المعلومات والحقائق التي ننقلها عنهم، فإن هذا من الواجب الذي أناطه الله تعالى بنا كما قال عز وجل: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:55] ولتستبين أي: تتضح وتظهر سبيل المجرمين.

وهذا جزء من معنى لا إله إلا الله، فهي نفي وإثبات، والنبي صلى الله عليه وسلم لما مُر عليه بجنازة أثنى عليها شر فقال: {وجبت وجبت} وقال: {أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار} ومن خلع جلباب الحياء فلا غيبة له.

وليس صحيحاً أن نترك العلمانيين والحداثيين يعبثون بمقدساتنا، وقيمنا وأخلاقنا، وعقائدنا وعقولنا، وأعراضنا وشبابنا وأموالنا أيضاً، ونسكت عنهم؛ لأننا لا نريد أن نسميهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015