المشكلة الرابعة: مشكلة التلفزيون -ومع الأسف- حسبما لاحظت أنه يندر وجود البيت الذي يخلو من التلفاز في مثل تلك البلاد الغربية، أعني: من بيوت الشباب المتدينين، بل كثير منهم يشتركون فيما يسمى (بالكيبل) الذي من خلاله يشاهدون قنوات خاصة وبالأجرة، وبعضهم يجلس ساعات أمام التلفاز في متابعة مسلسل مثلاً أو فيلم أو برنامج، وتسجيل الملاحظات، أو ما أشبه ذلك.
ويكون هذا نوعاً من تطوير اللغة مثلاً، وأنه مطالب به في المدرسة ليأخذ عليه مقابل درجات كواجب مكلف به، وينسى هذا الأخ التأثير الكبير لهذا الجهاز على المرأة نفسها خلال مشاهداتها ورؤيتها، والتأثير العميق على الأطفال الذي لا يمكن محوه إلا بالصعوبة الكبيرة، فالطفل كالورقة البيضاء يكتب فيها، بل والتأثير العميق حتى عليه هو في عقله وفي قلبه وفي تفكيره، وفي حساسيته من المنكرات وفي كراهيته لوجوه أهل النار وأعمالهم، فمع الوقت يألف ذلك كله.
بل ربما يستملحه ويستسيغه ويستحسنه، ويصبح أمراً مألوفا، ثم يتطور الأمر إلى نوع من التقليد والمحاكاة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: -كما في سنن أبي داود وغيره وهو حديث صحيح كما أسلفت- {ومن تشبه بقوم فهو منهم} فمن أعظم قنوات الدعوة إلى التشبه كثرة الجلوس أمامهم؛ أمام التلفاز، ومشاهدتهم، وتقمص شخصياتهم، وترسم خطاهم سواءً من قبل الزوج أو الزوجة أو الأطفال.
فمسئولية الزوج والزوجة في هذا الموضوع كبيرة وهي: أن يتعاونوا على البر والتقوى، على حماية أنفسهم وأطفالهم ومجتمعهم من مثل هذه القنوات والمؤثرات التي تساهم مساهمة كبيرة في تغيير عقولهم.
الخاتمة أيها الإخوة والأخوات: الحديث كما يقول المثل (ذو شجون) وأرى أني قد أطلت واسترسلت وأني قد أخذت من الوقت المخصص للأسئلة نحو خمس دقائق تقريباً فأنا أعيد في ختام هذه الكلمة: أولاً: شكري لله تعالى الذي كان هذا اللقاء بمنه وفضله وكرمه، وهو يستحق الحمد وأهله، فلله تعالى الحمد والشكر على ذلك.
ثانياً: شكري للإخوة الذين ساهموا في تنظيم هذا اللقاء وترتيبه وسهروا على ذلك وجزاهم الله تعالى خيراً.
ثالثاً: إنني أعلن لكم جميعاً أني أحبكم في الله تعالى، وأفرح برؤيتكم وأستمع أخباركم، وأتتبع أموركم؛ فإن رأيتكم على خير فرحت وسررت، وإن رأيتكم على خلاف ذلك، حزنت وبئست؛ فأنا أعيش معكم، وأحمل همومكم، وأتمنى لقاءكم، وأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يكتب لي معكم لقاءاتٍ ولقاءات، وأن يزيدنا جميعاً من الإيمان والتقوى، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يثبتنا بقوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ثم إنه لا يفوتني أن أسدي وافر الشكر وجزيل الثناء لأستاذي وشيخي الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني الذي علمت من الأخ المقدم أنه يستمع لهذه الكلمات فإني والله أحبه في الله وأدعو له، وأذكره فأكاد أبكي شوقاً إلى لقائه، والجلوس إليه، والأنس بحديثه، وتقبيل رأسه، فأسأل الله تعالى أن يكتب لي معه لقاءً في هذه الحياة الدنيا، وإذا سبق في علمه تعالى أن ذلك لا يكون؛ فأسأل الله تعالى أن يجمعني به في مستقر رحمته، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأسأل الله تعالى أن يبارك في عمره ويرزقه الصحة والعافية ليقوم بمزيد من الجهود فيما ندب نفسه له من تصفية السنة النبوية وتصحيحها؛ ذلك المشروع الضخم العظيم الذي يعتبر قناة لتصحيح أحوال المسلمين عقائد وأحكاماً، أصولاً وفروعاً.
وجزاه الله تعالى عنا وعن المسلمين خير الجزاء وشكر الله لكم جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.