الشرط الأول: أن يكون الجميع ملتزمين بالمنهج، المنهج الحق، ما هو المنهج؟ المنهج ثلاثة فروع:- قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمعت الأمة.
هذه هي أصول المنهج، فنعني بالمنهج هذا، ويبقى لكل فرد أو لكل فئة منا اجتهادهم الخاص الذي لا يخالف هذا المنهج، فهذه قاعدة مشتركة عند كل الطوائف، أن يكونوا ملتزمين بالمنهج الحق.
الشرط الثاني: أن يكمل بعضهم بعضاً، ويعزز بعضهم بعضاً، ويتناصروا فيما بينهم على الحق، ومن التناصر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري {انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً} فإن كان ظالماً فتنصره بردعه عن الظلم، وإن كان مظلوماً، فإنك تأخذ حقه وهكذا، تنصره مخطئاً أو مصيباً، فإن كان مصيباً فانصره بتعزيز ما قال، وإن كان مخطئاً فخذ على يده وبَيِّنْ له الحق.
إذاً فلا بد من التناصر فيما بيننا، وأن تكون العلاقة علاقة محبة ووئام، وقلوب سليمة، متراصة اليد مع اليد، والقلب مع القلب، والنفس مع النفس، لا أن تكون علاقة تناحر وتباغض، وتشاحن وتقاطع، وكل امرئ يجاذب الآخر وينازعه، وهذا هو مقتضى نصوص الشريعة، قال الله عز وجل: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] .
إذاً لا يمكن أن يخرجوا كلهم للجهاد، ولا للعلم، لكن يخرج منهم طائفة للجهاد، وطوائف للعلم، ليتحقق بذلك التعليم، ويتحقق بذلك الجهاد، وهم يكمل بعضهم بعضاً، ويتناوبون القيام بفروض الكفاية.
وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] فأمر سبحانه بأن يتعاون المؤمنون فيما بينهم، على كل بر وتقوى، من طاعة الله، والدعوة إلى دينه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك.
وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] وقال صلى الله عليه وسلم: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضاً} والحديث الآخر وكلاهما في الصحيح: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} هل رأيت إنساناً يقطع عضواً منه، أو يجرحه، أو يشقه بالسكين، أو يؤلمه؟ كلا، لا يفعل ذلك، فهكذا المؤمن للمؤمن، فهو مثل اليدين، تغسل إحداهما الأخرى، فإن رأى منه صواباً فرح وسُر، واستنار وجهه، وأشرق قلبه، وإن رأى منه خطأً انزعج، وبئس لذلك، وضاق صدره، وتمنى أن لم يقع، ثم ناصحه بالأسلوب الذي يظن أنه يؤدي إلى المقصود.