تخصص الدعاة في جميع الجوانب

إذاً: مادمت ملتزماً بالحق، وبما دل عليه الكتاب والسنة، في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العبادة، وفي أبواب الأخلاق، وفي الأمور كلها، ما الذي يمنع من أن يتخصص بعضنا في الدعوة، إلى جانب يحسنه ولا يحسن غيره؟! فتعتني أنت بالوعظ، لأن الله تعالى أعطاك قلباً رقيقاً، وأعطاك لساناً عذباً، وأعطاك استحضاراً للنصوص، وأعطاك قدرة على التأثير، فأنت تشتغل بالوعظ، وترقق قلوب الناس، مع مراعاة الضوابط، ولا تستدل بحديث موضوع، ولا بحديث ضعيف، ولا تدخل إلى أبواب الانحراف والغلو، وعليك بمراعاة الضوابط الشرعية، ولو غلب هذا الجانب عليك، وعرفت به ولم تعرف بغيره، فإن هذا لا يضر.

وآخر: يعتني بتعليم الناس العقيدة، وأبوابها ونصوصها، ويدعوهم إليها، ويربيهم عليها، ولا يكل ولا يمل من ذلك، ولو غلب هذا الأمر عليه وعرف به، إخراجاً للكتب، وتأليفاً، وتدريساً، وتعليماً، وخطابةً، وغير ذلك، فإن هذا يسد فراغاً تحتاجه الأمة أيما حاجة، بل هو أعظم حاجة تحتاجها الأمة، أن تقوى قلوبها بالمعتقد الصحيح، الذي يربطها بمحبة الله تعالى وخوفه ورجاءه، وألاَّ يخافوا إلا الله.

وثالث: يشتغل بالفقه والفُتيا، وبيان الحلال والحرام بالدليل، حتى لو عرف بذلك ولم يعرف بغيره.

ورابع: يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بكل وسيلة مباحة، ولو ذهبت روحه في ذلك، وقد ذُكِرَ للإمام أحمد رحمه الله تعالى رجلٌ عالمٌ فاضلٌ من زملائه وخلصائه، وهو الإمام أحمد بن نصر الخزاعي، الذي صُلِبَ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صُلِبَ على الأعواد في الميدان عام، فقام الإمام أحمد ودعا له وتَرَحَّمَ عليه، وقال: ذلك رجل هانت عليه نفسه في ذات الله تعالى.

إذاً ما الذي يمنع أن ينبري من الأمة رجال مجاهدون؟ همهم الجهاد في ميدان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بكل وسيلة، وبكل سبيل، ولو ذهبت أرواحهم في هذا السبيل، فقائلهم يقول: ربِّ لك الحمد لا أحصي الجميل إذا نفًَّست يوماً شكاة القلب في كربِ فلا تؤاخذ إذا زل اللسان وما شيءٌ سوى الحمد في الضراء يجمل بي لك الحياة كما ترضى بشاشتها فيما تحب وإن باتت على غضبِ رضيت في حبك الأيام جائرة فعلقم الدهر إن أرضاك كالعذبِ شكراً لفضلك إذ حملت كاهلنا مما وثقت بنا ما كان من نُوَبِ ولا يمنع -أيضاً- أن يكون هناك خامس، يهتم بتحليل الأحداث السياسية، وآثارها على العالم الإسلامي.

وسادس يهتم بتحليل الأحداث الاقتصادية.

وسابع يهتم بتحليل الأحداث الاجتماعية، وموقف المسلمين منها، هكذا يُكَمِّلُ بعضهم بعضاً، فهذا الأمر يتحقق وفق شروط:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015