Q أشرتم في المجلس السابق إلى الحرية المتاحة في الغرب الكافر، وكما تعلمون أن الحرية على إطلاقها سلاح ذو حدين، فكما تتاح لك الحرية في الدعوة إلى الله، تتاح لغيرك بالدعوة إلى الإلحاد والفجور، وكما تتاح حرية العبادة للمسلم، تتاح لغيره بارتكاب المعاصي، أرجو توضيح ذلك؟
صلى الله عليه وسلم في الواقع نحن لا نطالب بالحرية المتاحة في بلاد الغرب أبداً، كيف نطالب بذلك وعندنا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟! نحن لا نطالب إلا بما في القرآن والسنة، نطالب بأن يحكم فينا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] .
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} ويقول عليه الصلاة والسلام: {أفضل الجهاد كلمة عدل تقال عند سلطان جائر} إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة، ولما قام الرجل وأنكر قال له أبو سعيد الخدري: [[أما هذا فقد قضى ما عليه]] .
أما ما يوجد في بلاد الغرب من الإباحية فهذا ليس حرية، وإنما هو بهيمية، ونحن تكلمنا في المجلس السابق أو الذي قبله عن جانب موجود عندهم فعلاً، وهو أن أفرادهم يعطون الشخص شيئاً من الاعتبار، وهذا أمر موجود، وإذا أثنيت على ما هو موجود عندهم فلا يعني أننا نطالب به، أو بمثله، أو نعتبر أن هذا هو الوضع المثالي.
ولكنني أقول وبكل صراحة: هذا الوضع الذي عندهم على فساده خيرٌ من الأوضاع الموجودة في بلاد الإسلام، لسبب: وهو أنهم قد يتيحون الحرية للمسلم وغيره، أما في بلاد الإسلام فالحرية متاحة لأهل الفساد كما ذكرت، ومتاحة لأهل الإلحاد، وكثيرٌ منهم ينشرون سمومهم، ولعلك اطلعت الآن على شيء يسير منها، وعندي من الكتب، والمجلات، والجرائد، والقصص، ودواوين الشعر، والله إلحاد يطبع في بلاد الإسلام، وبعضه كفر، وإباحة، وبعضه شذوذ جنسي، من السحاق، واللواط، وغيره، يتمدح بكل هذه الأمور ويطبع ويباع في بلاد الإسلام.
دعك من هذا، تجد ألوان الأفلام السيئة تباع في كل مكان ومرخصة، ولا تباع في السوق السوداء، بل تباع في السوق البيضاء علانية.
بل إنك تجد صوراً في الأجهزة الرسمية الإعلامية يندى لها الجبين، فالآن الحرية متاحة في كل بلاد الإسلام لألوان من الانحراف والمخالفة، لكنها غير متاحة لمن يقاوم هذا الأمر، أو ينكره، أو يقوم بتوجيه الناس ضده، أو دعوة الناس إلى محاربته.