الواجب السادس والأخير: هو أن يلتف الناس حول علمائهم في إيصال المنكرات التي تقع إليهم، وطلب تغييرها وإنكارها من هؤلاء العلماء، وذلك لأن العلماء من أولي الأمر، الذين أناط الله بهم مسئولية التغيير والإصلاح في الواقع، فأولوا الأمر هم العلماء والأمراء، ولذلك فإن على الناس أن يفزعوا بعد الله جل وعلا إلى علمائهم حين يرون المنكرات تفشو حولهم، وهذه القضية مهمة، لأن الأمة الإسلامية بأسرها وقعت ضحايا منكرات عظيمة وخطيرة، فأنت حين تأتي إلى أبواب العقائد تجد أن الإلحاد أصبح يكتسح طبقة من شباب الأمة، كـ الشيوعية والعلمانية والحداثية، وغيرها من الأفكار الضالة المخالفة للإسلام، فضلاً عن البدع الاعتقادية الغليظة، مثل التصوف الذي أصبح يكتسح أيضاً حتى بعض المتجهين إلى الإسلام، من الفتيان والفتيات، وأصبح له دعاة يدعون الناس إليه ويجمعون الناس عليه، أيضاً ينفخون في صور وشخصيات الصوفية في هذا العصر، ويلمعونها ويدعون الناس إليها.
وأصبح له رصيد كبير مع الأسف في بعض المجتمعات الإسلامية، كذلك البدع العملية وترك الصلوات، والبدع في العبادات، والحوادث التي لم تكن موجودة في عهد السلف، ووقوع الناس فيها، وانحرافهم عنها، فضلاً عن الانحرافات السلوكية، من انتشار الاختلاط والسفور والتبرج والخلوة، وما يترتب على ذلك من هتك الأعراض والوقوع في الشذوذ، وكون هناك أجهزة ووسائل كثيرة من وسائل الإعلام في كل البلاد الإسلامية، أصبحت تساهم مساهمة فعالة في مثل هذه الميادين، وأصبحت أشرطة الفيديو والأغاني والتلفزيونات في البلاد الإسلامية تعمل على تطبيع كثير من المنكرات، بحيث أن الإنسان لا يستغرب أن الرجل يخلو بامرأة أو يقبلها، أو أن المرأة تظهر سافرة حاسرة عن شعرها ورقبتها ونحرها، وربما ذراعيها وعضديها وساقيها، وتصاحب الرجال وتصادقهم، وقد تقع الخيانة، وبالمقابل أصبحت في كثير من الأحيان تعمل على تعميق غربة الشرائع الإسلامية.
ففي الوقت الذي تجد أن مسألة تعدد الزوجات -على سبيل المثال- أصبحت شعيرة غريبة، وأصبح موضوع تعدد الخليلات أمراً معروفاً في بعض المجتمعات، على الأقل في شعور الناس، وأذكر في ذلك طرفة ذكرها أحد العلماء، يقول: في إحدى البلاد الإسلامية ولم يسمها، كان تعدد الزوجات ممنوعاً، ولكن صادف أن رجلاً تزوج باثنتين، فأحد أصدقائه حصل بينه وبينه خصومة، وقال له: أنا سوف أوقع فيك، وذهب للسلطة الرسمية للشرطة، وقال لهم: فلان واقع في الجريمة! قالوا: كيف؟ قال: عنده زوجتان، قالوا: صحيح! قال: نعم، وسجل لهم بلاغاً إن فلاناً عنده زوجتان، فجاءت الشرطة تراقب هذا الإنسان، وفعلاً اكتشفوا أنه يتردد على بيتين، فقبض عليه متلبساً بالجرم المشهود، وبعد أن أحضروه، قال لهم: يا ناس أبداً أنتم مخطئون، قالوا: قد وجدناك وراقبناك، قال: نعم، صحيح هذه زوجة، وتلك كانت خليلة أو عشيقة، فاعتذورا إليه وردوه بكل أدب واحترام إلى بيته!! والعهدة على الناقل، ولا أظنه إلا صادقاً وليس هذا بغريب، فقد رأينا من غربة شرائع الإسلام في بعض البلاد أمراً عجباً.