وأخيراً: فإن من أعظم المنكرات التي عمت وطمت في بلادنا كلها من أقصاها إلى أقصاها، وكل بلاد الإسلام لنا بلاد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأصبحنا نؤمن بما يسميه الغربيون (بالحرية الشخصية) في أوروبا -والعياذ بالله - بعض المسلمين الذين هاجروا إلى هناك، وتزوجوا، تجد المسلم منهم تأتي ابنته بصديقها وتنام معه بإحدى الغرف، فلا يستطيع الأب المسلم أن ينكر عليها، ولو ضرب الأب المسلم ولده ضربةً خفيفةً على رأسه، فإن الطفل الذي عمره عشر سنوات يرفع السماعة على البوليس ليأتي ويأخذ الأب ويفتح معه محضر تحقيق، لماذا تضرب الولد وما هي الأسباب، وقد يعاقبه على ذلك!! فانخدعنا بهذه الحرية الزائفة، وأصبحنا نؤمن بأن كل واحدٍ يفعل ما يحلو له، فإذا رأيت إنساناً يفعل منكراً، فأولاً: تستحي أن تنكر عليه، ولو رأيت إنساناً ينكر عليه، لربما قلت: يا أخي دعه، مالك وماله، مالك ومال الناس (خليه على راحته، على حريته، اترك هذا الأمر) .
فالعجب كل العجب أيها الإخوة! أننا في الوقت الذي تركنا فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحولنا إلى النقيض، فأصبحنا في حالاتٍ كثيرة نأمر بالمنكر وننهى عن المعروف، وهذا لابد منه، لأن الإنسان لابد له أن يأمر وينهى، فإن لم يأمر بالمعروف أمر بالمنكر، وإن لم ينه عن المنكر نهى عن المعروف.
أرأيتم كيف إن مجتمعاتنا اليوم أصبحت تستغرب صلاح بعض الشباب؟! فإذا رأينا شاباً يعفي لحيته، أو يقصر ثوبه ضحكنا، وقلنا ما هذا؟! هذا مجنون، هذا عنده أفكار غريبة، هذا متطرف، وإذا رأينا فتاةً تلبس غطاءً على وجهها، وتغطي سائر جسدها، وتلبس قفازين بيديها، وتلبس العباءة وهي تخرج للجامعة، ضحكنا، وقلنا: ما هذه التي تمشي كأنها خيمة، هذه تريدنا أن نعود إلى عصر الحريم! والناس في القرن العشرين، وهذه تلبس عباءة، وغطاء على وجهها، فأصبحنا نأمر بالمنكر وننهى عن المعروف، بهذه الطريقة، وإذا أراد الشاب أو الفتاة أن يهتدي؛ وجد مائة عقبة وعقبة في طريقه، وأول من يقف في طريقه أحياناً الوالد والوالدة والبيت.
فهذه من أعظم المنكرات التي يجب أن نحدث منها توبةً صادقة، وعلاج كل ما سبق: هو أن نرجع إلى الله عز وجل القائل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] فيجب أن نقبل على الله تعالى بقلوبٍ قد انكسرت من هول المصيبة، وأقول: المصيبة مصيبتنا جميعاً، وندرك أن الدور علينا، أي إذا كان أحدنا يقول: هذه مصيبة الإخوة في الكويت نقول له: الدور علينا، والمصائب، والمعائب، والمنكرات التي أتحدث عنها، موجودة في كل بلد إسلامي، سواء هذا البلد الذي نحن فيه أم الكويت أو جميع البلاد الأخرى، وإن كانت توجد بنسبٍ متفاوتةٍ تكثر أو تقل.