المصائب سببها الذنوب

يا أهل الكويت، بل يا أهل الإسلام الذين أصيبوا جميعاً بنكبة إخوانهم: إن الله جل وعلا يقول: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] ويقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30] ويقول: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [آل عمران:155] وهذا يقتضي ضرورة المراجعة، فهذه المصائب والنكبات، ليست إلا ببعض ذنوبنا، وأثراً من جرائمنا وأخطائنا، وجزءاً من عقوباتنا حين قصرنا وفرطنا في ديننا.

يقول أحد المشردين الذين طردوا من بلادهم: بكى عليَّ الصدى واللحن والوتر ولم أزل لعذاب الشعر أنتظر أَوْمَتْ إليَّ سواقيه فقلت لها مات الربيع ومات العطر والزهر فلا تظني صلاة الوحي آتية إن المصلين للإلهام قد عبروا إنا غريبان ساق الظلم أدمعنا إلى بلاد بها يستصرخ القدر ولا ديار ولا أهل ولا وطن ولا حياة ولا عيش ولا عُمْرُ مشردون بلا تيه فلو طلبوا تجدد التيه في الآفاق ما قدروا يلقى الشريد فجاج الأرض واسعة لكنهم بمدى أنفاسهم حشروا في خيمة من نسيج الوهم لفقها ضمير باغ على الإسلام يأتمر أوهى وأوهن خيطاً من سياسته لو مسها الضوء لانقدَّت بها السُّترُ لعلها غضبة الرحمن إن لنا درباً تعالت به الصيحات والنذر سرنا بعيداً وحدنا عنه فاختلطت بنا الدروب وصبت فوقنا الغِيَر لعلها صيحة جاءت معاتبة ولا تكاد لها الأعناق تنكسر هذه المصائب تعليم، وهي تأديب، وهي تربية، فقد يسمع الإنسان الموعظة من على المنبر، أو يسمع الكلمة تتلى، أو الآية تقرأ، أو الحديث يذكر، فيمر به دون أن يتوقف، ودون أن يصيخ له سمعاً، أو يصغي له قلباً، أو يقف، أو يعتبر، ولكنه يرى هذه المصيبة تنزل به، أو بإخوانه، فتهزه هزا وتذكره أن الأمر جدٌ:- الأمر جد وهو غير مزاح فاعمل لنفسك صالحا يا صاح {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * ومَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:13-14] النذر التي كان يقولها الصالحون، والتحذيرات التي كان يطلقها المؤمنون، والآيات التي كانت تقرع أسماعنا، جدٌ لا هزل فيها بحالٍ من الأحوال، ومن لم يصدق بالقول فإنه يصدق بالفعل، وها هي النذر تترى من بين أيدينا، ومن خلفنا، وهذه بعض ذنوبنا وما أكثر ذنوبنا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015