الرحمة بالمخطئ

أولاً: الرحمة بالمخطئ، والشفقة عليه، واللين والرفق.

وهنا نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قال للنبي صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159] نأخذ من هذه الآية فائدة وعبرة عظيمة وهي: أن الناس يجتمعون على الرفق واللين، ولا يجتمعون على الشدة والعنف، هذا مقتضى الآية؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] وهؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، والسابقين الأولين، فكيف بمن بعدهم؟! وكيف بمن ليس له مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس، سواء كان من العلماء أو من الدعاة، أو ممن لهم رياسة أو وجاهة أو مكانة أو تجارة، أو ما أشبه ذلك؟!! إذاً: فالرحمة والرفق بالناس أمر ضروري وأساسي، ولا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق، ولهذا يقول أبو الدرداء لرجل سبه وشتمه وأغلظ له: [يا هذا! لا تغرقن في سبنا وشتمنا، ودع للصلح موضعاً، فإننا لا نكافئ من عصى الله تعالى فينا بأفضل من أن نطيع الله تعالى فيه] .

وشتم رجل الشعبي فقال له: [إن كنت كما قلت فغفر الله لي، وإن كنت لست كما قلت فغفر الله لك] .

وشتم رجل معاوية شتيمة في نفسه، فدعا له وأمر له بجائزة.

إذاً القدرة على تعويد النفس على الرضا، والصبر واللين والمسامحة، هي قضية أساسية، والإنسان يتحلَّم حتى يصبح حليماً، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإسناده لا بأس به: (إنما العلم بالتعلُّم، وإنما الحلم بالتحلُّم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه) .

وعليك ألا تؤاخذ الآخرين، وعليك أن تتذكر أن تحية الإسلام هي: السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نقولها لأهلنا إذا دخلنا، بل قال الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ} [النور:61] وأن نقولها للصغار والكبار، ومن نعرف ومن لا نعرف، كما ورد في الحديث: (السلام لمن تعرف ومن لا تعرف) [بذل السلام للعالم] .

هذه التحية فيها معنى السلام، أي: أنت تسلم مني؛ من لساني، ومن قلبي، ومن يدي، فلا أعتدي عليك بقول، ولا بفعل، وفيها الدعاء له بالسلامة أيضاً، وفيها الدعاء له بالرحمة، وفيها الدعاء بالبركة، هذه المعاني الراقية التي نقولها بألسنتنا علينا أن نحولها إلى منهج في حياتنا وعلاقتنا مع الآخرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015