أيضاً من أحاديث الفتن: الأحاديث التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بافتراق الأمة، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام: {أن هذه الأمة سوف تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة} هذا حديث صحيح روي عن أكثر من ستة عشر صحابياً، أن هذه الأمة سوف تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة {كلها في النار إلا واحدة} هذا خبر أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وهى من الفتن، لكن في المقابل عندنا شرع، ما هذا الشرع؟ الشرع أن الله عز وجل يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] إذاً: فالله أمرنا بالوحدة والاعتصام بحبله وعدم الافتراق يقول عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} [الأنعام:159] ويقول سبحانه وتعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:31-32] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاً ومنها: أن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} .
فالقرآن والسنة "الشرع" يأمرنا بالتوحيد والوحدة وأن نجتمع على كلمة الله عز وجل، فيجب أن نسعى للوحدة بين المؤمنين، وتوحيد الكلمة وجمع الصف على الكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة، وأن نبذل جهدنا في هذا بقدر ما نستطيع، ومع ذلك فعندنا يقين وقناعه، راسخة أنه مع جهدنا وتضحيتنا وبذل ما نستطيع مع ذلك كله، فإننا نعلم أن ما نبذله له ثمرة طيبة، ولكن لن يكون من ثمرته أن الأمة كلها تجتمع على عقيدة واحدة، وعلى مذهب واحد، وعلى حكم واحد، وعلى رأي واحد في كل شئ، هذا لن يكون والله تعالى أعلم، إنما نحن نبذل ما نستطيع، وهذا هو الشرع الذي تعبدنا به، أما القدر الذي سيقع فهو أمر إلى الله عز وجل ليس لنا منه شيء.
إذا هذه قاعدة مهمة، مهمة، مهمة -أقولها ثلاثاً- وهى: أنه يجب أن نفرق بين الشرع والقدر، لقد أخبر الرسول عليه السلام أن فتناً ستقع وأمرنا بأمور، فنحن نأتمر بما أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، أما وقوع الفتن وعدم وقوعها فهذا أمر آخر لسنا منه في شيء.