فتنة قتل الحسين

إضافة إلى أنه خرج من جهة العراق أو انساح إلى بلاد الإسلام من جهة العراق فتن كثيرة، لعل من أولها قضية الحسين رضي الله عنه ورحمه الله، فإن أهل العراق كاتبوا الحسين أن يخرج إليهم وكتبوا إليه الرسائل، قالوا له: تعال، فعندنا القوة والنجدة والبأس والشجاعة، نحن مستعدون أن نحميك ونقاتل دونك، فقال له عبد الله بن عمر: دع هؤلاء لا تذهب إليهم، يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تخرج إلى هؤلاء، فأصر أن يخرج، فلما رآه عبد الله بن عمر مصراً خرج معه إلى أطراف المدينة ثم ضمه إليه وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.

وهكذا كان، فإن أهل العراق لما جاءهم الحسين رضي الله عنه تخلوا عنه، وخذلوه في كربلاء حتى قتل شهيداً رضي الله عنه، وتحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حين نام مرة ثم استيقظ وهو يبكي، فقالت له أم سلمة: يا رسول الله! ما يبكيك؟ قال: {أُريت مقتل ابني هذا -وكان عنده فأشار إليه- وأوتيت بتربة من تربته حمراء} .

أترجو أمة قتلت حسيناً شفاعة جده يوم الحساب فقتلوا حسيناً رضي الله عنه، والغريب في الأمر أنهم بعد ما قتلوه صاروا يقيمون المآتم في مثل ذلك اليوم حزناً على قتله، ويضربون وجوههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما فعلتم بأنفسكم المهم أنهم تسببوا في قتل الحسين رضي الله عنه، وتخلوا عنه وخذلوه أيما خذلان.

ولذلك لما جاءوا إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنه يسألونه عن قتل المحرم للبعوضة؟ قال: قاتلكم الله يا أهل العراق، ما أجرأكم على الكبيرة وأسألكم عن الصغيرة، تقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسألون عن البعوضة! الذي قتل الحسين لا يحتاج أن يسأل عن البعوضة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015