الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مثلاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قضية خطيرة شرعية غائبة عن كثير من المجتمعات، وفي الإسلام كانت الحسبة هي كل شيء، اقرأ في أي كتاب من كتب الاحتساب، مثل كتاب معالم القربة في أحكام الحسبة، أو كتاب الحسبة في الإسلام لـ ابن تيمية، أو أي كتاب من الكتب التي تحدثت عن المجتمع التاريخي للمسلمين، بلوغ الأرب مثلاً أو غيرها، نجد أن الحسبة في الإسلام كانت كل شيء، حسبة على الأسواق، حسبة على النساء، على الرجال، والولاة، والعمال، والشوارع، كانت الحسبة تقوم بمهمة الشرطة، والبلدية، والمرور، والغرفة التجارية، والغرفة الصناعية، وجهات عديدة جداً، كلها كانت مجموعة في عمل يطلق عليه الحسبة.

وهي تنطلق من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الميدان الاجتماعي والمجال الاقتصادي والأخلاقي والسياسي وغيرها، حُسِرَ هذا المفهوم وانحسر وضمر في نفوس المسلمين، حتى أصبح المسلم ما يفهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أنه يمر بالشارع ويقول للناس صلوا هداكم الله، هذا أمر بالمعروف صحيح، لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إطاره أشمل من هذا، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سُلطة قوية راسخة تزيل المنكر وتثبت المعروف، وتمنع تلويث البيئة العامة، صحيح هي لا تستطيع أن تطهر المجتمع نهائياً من جميع ألوان المنكرات، لأن هذا الأمر لا يمكن، لكنها تستطيع أن تعطيك تقريراً عن أن البيئة العامة نظيفة، الجو ليس فيه جراثيم، تُلَوِّثُ وتصيب أجساد الناس بالمرض، فينشأ الناس في بيئة نظيفة صالحة، الذي يريد الخير يلقاه، والذي يريد الشر يجد ألف عقبة وعقبة أمامه، وليس العكس أن الذي يريد الخير يجد العقبات في البيت وفي الشارع وفي المدرسة وفي كل مكان، والذي يريد الشر يجد الباب مفتوحاً أمامه على مصراعيه، مهمة الحسبة أن يظل المجتمع مجتمعاً مسلماً، لأن كلمة مسلم هذه، ليست مجرد -كما يقال- ماركة مسجلة، تطبع على مجتمع فيصبح مسلماً، لا!!! لا.

المجتمع المسلم ميزته أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقط لا غير، هذه الميزة الأساسية أن المجتمع المسلم مجتمع قام على المعروف والأمر به، وعلى ترك المنكر والنهي عنه، قال الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:71] .

وعلى العكس المنافقون والمنافقات، من هم المنافقون؟ لا تظن أن المنافقين ناس انتهوا من الأرض، فهم في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام؟ لا.

العلمانيون منافقون يرفضون الموت، ويقولون -مثلاً- وفق شريعتنا السمحة، وديننا القويم، وعاداتنا الدينية، وموروثاتنا، ثم تحت هذه الكلمة المطاطة يدخلون ما يشاءون من ألوان الفساد والنفاق، هؤلاء منافقون، لأنهم لا يستطيعون إعلانها الآن، أنهم ضد الإسلام، لا، يقولون: وفق ديننا السمح، وشريعتنا الغراء، وموروثاتنا الاجتماعية، إلى آخره.

العلمانيون منافقون، والحداثيون منافقون، واليساريون منافقون، والقوميون منافقون، وإنما صاروا منافقين؛ لأنهم لا يستطيعون أن يطرحوا حقيقة ما لديهم من آراء وأفكار، فهم يتمسحون بالإسلام، ويتكلمون عن الإسلام، وعن تاريخ الإسلام، وعن شخصيات الإسلام، وقد يقومون ببعض الشعائر مثل ذر الرماد في العيون، لكن في قلوبهم مرضُُ فزادهم الله مرضاً، فلا بُد من إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل نطاق، وابدأ ببيتك، فقد تكون بنتك أو أمك أو أختك أو زوجتك هي إحدى المتأثرات بالحرب الإعلامية التي تكلمنا عنها قبل قليل، ومن الممكن أن تكون في المستقبل من دعاة تحرير المرأة، ماذا يمنع عن هذا!!! لو نظرت إلى بعض الداعيات إلى تحرير المرأة، قد تجدها بنت شيخ مثلاً، وبعض المغنيات قد تجد أباها شيخاً، أو عالماً، أو قارئاً.

إذاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبدأ بنفسك وبيتك ومجتمعك وسوقك ومتجرك وفصلك في المدرسة وشركتك، وانتقل بعد ذلك إلى المجال الأرحب: المجتمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015