التحذير من تهويل أمر الأعداء

ونبدأ الحديث عن كيفية المواجهة ومع فضيلة الشيخ سلمان: نعم ربما كان الحديث السابق أيها الإخوة كله حديثاً عن نوع من الوصف أو التحليل للواقع الذي تعيشه الأمة، والمرحلة الجديدة التي بدأت تطل عليها، ولسنا نزعم أن ما قلناه كافٍ! كلا، بل إن الكلام في هذا الأمر يطول، ولكن حسناً فعل الأخ الشيخ محمد في الانتقال إلى النقطة الثانية، لأن النقطة الثانية هي الأهم، وقد استأثرت الأولى بأكثر الحديث لأنها جاءت في الأول، ولابد أن تسبق، لكن النقطة الثانية أهم، لأنه قد يرتب بعض الإخوة على الكلام السابق، أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون!! ومعنى ذلك أنهم جاءونا من فوقنا ومن تحت أرجلنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن أمامنا ومن ورائنا! فلم يبقَ إلا أن نكف أيدينا، وننتظر حتى يأتينا الموت، قد يحدث هذا! إذاً قد يحدث استجابة غير صحيحة للحديث عن الواقع الذي وصفناه، وهنا تأتي أهمية المواجهة، أيضاً من ناحية أخري -أيها الأحبة- بعض الإخوة، بعض الشباب، بعض المتحمسين، قد يسترسل ويفيض في الحديث عن الواقع، وكلما جلس أو قعد أو قام أو ذهب أو جاء قال: حصل كذا، وفي المكان الفلاني كذا، وهنا منكر، وهنا منكر، هناك فساد، ويوجد كذا، وبعد هذا يقول: الدنيا كلها مدبرة، وعالم الغرب يشتغل، وهكذا أصبحنا نتصور أننا نتحرك وسط مؤامرة محبوكة! وهذا غلط، هؤلاء الناس من الكفار ليسوا آلهة، إنهم بشر، وبشر ضعفاء وشيخهم وأستاذهم إبليس، تلا عليكم الشيخ ما قال الله تعالى في شأنه: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:76] .

ليس كل شيء مخططاً لا، هم استغلوا ضعفنا، واستغلوا نقصنا، واستغلوا غفلتنا، فكان هذا سر نجاحهم، ولو كنا أقوياء لتحطمت كل مؤامراتهم على صخرة: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:120] .

هم ما غفلوا يوماً من الأيام، لكن يوم أن كانت الأمة قوية، كانت مثل الجسد القوي، قد يأتيه الجرثوم، ثم يخرج منه ويغادره، أما الآن فقد أصبحت الأمة ضعيفة، فقدت المناعة، أصبحت مثل المريض الذي فقد المناعة، أي مرض، أي جرثومة، ولو كانت ضعيفة تأتيها، لا تزال تفعل فعلها في الجسم، حتى تقتله! فالحذر الحذر -أيها الإخوة- أن نفهم أن معنى ذلك أن نضع يداً على يد، وكبِّر الوسادة، ودع الناس تذهب وتأتي، وهذا الأمر لا يعنيك، وأنت لست منه في قبيلٍ ولا دبير، وهذا ما لا طاقة لك به! هذا من تخويف الشيطان لأوليائه، يقول الله عز وجل: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175] .

ما معنى الآية؟ {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران:175] يعني: يخوفكم أولياءه، يكبرهم في عيونكم، حتى تخافوهم، يخوف الناس، من أوليائه، هذا معنى الآية.

(إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ) يجعلكم تخافون أولياءه، لأنهم أولياؤه فهو يكبرهم ويضخمهم، ولذلك تجد الناس يتصورون أن الدنيا كلها لعبة إسرائيل، -فمثلاً- هناك كتاب اسمه الدنيا لعبة إسرائيل وسبق أن تكلمت عن كتاب بروتوكولات حكماء صهيون وعدد من عشرات المصنفات التي تُبالغ في تضخيم قوة اليهود مثلاً، حتى تصورنا أن الواحد مثل ما قال بعض الأدباء، قال: الواحد منا إذا أراد أن يأكل الغداء، قال: انتبه لو يكون فيه ماسوني، والعشاء لو يكون فيه ماسوني!! فعلاً استسلمت عقول الناس، وبالغوا في تضخيم قوة العدو بالشكل الذي صار عليه الآن، ليس أن المبالغة تولَّد عنها قوة المقاومة وشدة الحماس، لا، مبالغة تجعل الإنسان يائساً وعاجزاً، ولا يستطيع أن يصنع شيئاً، فهو أمام مؤامرة محبوكة هي سوف تجري وتنفذ شاء أم أبى، رضي أم سخط، فليس له من الأمر شيء، ومن المصلحة ألا يتدخل!! هكذا تصور الناس، وهذا خطأٌُ عظيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015