إبعاد العقيدة عن ساحة المعركة

هكذا يجب أن نفهم هذا الأمر ببساطة ومع الأسف فإن المضللين اليوم أصبحوا يشككون الأمة حتى في البدهيات، ونسينا دوافعهم العقائدية الدينية، وأصبحنا نردد خلف غلمان الصحافة والإعلام كلماتٍ جوفاءَ لا معنى لها، لازلنا نسمع الآن بآذاننا أخبارهم: هدم المساجد وإقامة المعابد في مكانها، ومازلنا نشاهد بأم أعيننا أخبار ذبح المسلمين كما تذبح الخراف.

وربما رأى بعضكم ما حصل في عدد من بلاد العالم حين -وهذا موجود مصور الآن ثابت- كانوا يدخلون عليهم وهم يصلون الجمعة، فيرشونهم رشاً، ويبيدون خضراءهم، ويقضون عليهم عن آخرهم، حتى ربما انجلت معركة من هذا القبيل وليست معركة في الواقع، لأنها ضربة من طرف واحد! ربما انجلت عن خمسمائة أو ألف قتيل في مسجد واحد وهم راكعون أو ساجدون كما حصل في سيريلانكا، وغيرها!! إذاً العداوة ظاهرة، الحرب دينية، بطرس الناسك الذي كان يجول شوارع أوروبا ويدعو الناس إلى الحرب ضد الإسلام، هو نفسه ما زال موجوداً لكن بدلاً من أن يركب حماراً أصبح يركب طائرة! واليهود الذين كانوا بالأمس يتنادون لثارات خيبر هم يهود إسرائيل اليوم! والشيوعيون الذين قتلوا في عام واحد أكثر من ثلاثة ملايين مسلم فيما يسمى بالجمهوريات السوفيتية هم الشيوعيون اليوم الحُمْر! والمشركون الوثنيون، الذين هم من أشد الناس عداوة للذين آمنوا هم مشركو اليوم! الذي تغير اليوم هو لهجة الخطاب، أصبح الناس مهذبين، لو مررت من عنده فضربك بطرف كتفه، لرجع إليك يمسح على ظهرك، ويقول لك: آسف آسف، يعتذر لكن لا مانع عنده في نفس الوقت أنه يتدرب على كيفية صناعة الرشاش والمدفعية، حتى يصوبك بها من بعيد، ويقتلك ويقتل أهلك من ورائك، تغير الأسلوب، الإنسان المهذب الذي بقي لك عنده قرش أو ريال يبحث عنك حتى يوصله إليك، لا مانع أنه يرسم مخططاً لسرقة بنك.

إذاً يجب أن نتفطن لهذه الأمور، لا نقرأ بعيوننا فقط! لا، يجب أن نقرأ ويكون عندنا خلفية شرعية نفهم بها الأمور، نفهم بها الحقائق.

لا تظن أن التقدم والحضارة والرقي المادي والتصنيع، أنه غيَّر من عقلية الرجل الكافر شيئاً، لا!! هذا العداء الذي يحمله الكافر للمسلم باقٍ بحاله، لكنه أخذ طابعاً معيناً ووضع عليه غلاف جميل، جذاب، مزوق، بحيث أنك أصبحت أيها المسلم -بحكم أنك صريح وواضح- حين تقول: إن هذا كافر، يقال لك: هذب ألفاظك كافر!! لماذا أنت هكذا دائماً غليظ وعباراتك قاسية؟ لفظة كافر لفظة سب ما تليق! هو يختلف معك لكن هو يرى أن ما هو عليه صحيح، وأنت ترى ما أنت عليه صحيحاً، إذاً لا ينبغي أن تقول هذا! هذا منطقهم، يُريدونك أن تستخدم نفس أساليبهم، هو يكيد لك ويضمر لك عداءً مستحكما، لكنه يبتسم في وجهك، ويربت على كتفك، ويحسن إليك، ويعاملك بلطف، وهو في نفس الوقت، يسن خنجراً ويسمم السكين حتى يذبحك بها، ليس هناك مانع، ولذلك يقول الشاعر الذي يتعجب من حالهم حين كان لا يعرف حقيقة أمرهم، يقول: قتل امرئٍ في غابة جريمةٌ لا تغتفر وقتل شعبٍ كاملٍ مسألةٌ فيها نظر يعني هم يكيلون بمكيالين: المكيال الأول: للمسلمين، فالمسلمون عندهم أرقام بلا رصيد، مُسلم أو مائة أو ألف أو عشرة آلاف، أو مائة ألف، أو مليون مسلم، لا يشكلون شيئاً، ثم تخفيف ورحمة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015